GuidePedia

0
بسم الله الرحمن الرحيم
           الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
          هذه جملة من التوصيات والاقتراحات أخص بها أهلنا في الشام بعامة، والثورة السورية والقائمين عليها بخاصة، فأقول: اعلموا ـ حفظكم الله ـ أن لا قوام ولا حياة لحقٍّ من غير قوة تحميه .. حق من غير قوة تحميه كبيت من غير أسوار ولا أبواب .. الكل يتجرأ عليه .. ويتخلَّى فيه .. والله تعالى لم يُنزِل الكتاب وحسب .. وإنما أنزل معه الحديد ليحمي الحق الذي في الكتاب.

          لا خلاف أننا في الشام أمام نظام طائفي، تحكمه عصابة لا يألون في مؤمن ولا وطن .. ولا مواطنٍ شريف إلاً ولا ذمة .. سوريا تعني عندهم الطاغية .. والطاغية سوريا .. لا كانت سوريا ولا أهلها إن لم يكن الطاغية حاكماً مطاعاً لسوريا وشعبها .. وإلى الأبد!
          نظام متوحش متخلف فاقد للحد الأدنى من القيم والخلُق والإنسانية .. التي تردعه عن ارتكاب المحظور والمجازر بحق سورية أرضاً وشعباً .. أو تمكننا من التفاهم معه في شيء!
          رغم الضغوط الدولية والمحلية على النظام .. وبعد مضي أكثر من خمسة أشهر على سلمية الثورة .. وتعدد مؤتمرات المعارضة التقليدية في الداخل والخارج سواء .. إلا أن شهية النظام الطائفي للقتل وسفك الدم الحرام، والاعتداء على الأعراض والحرمات .. لم تتوقف، وهي في ازدياد يوماً بعد يوم!
          في الأشهر الخمسة الماضية سقط عشرات الآلاف من شبابنا بين شهيد، وسجين، وجريح .. غير الآلاف المهجرة .. والطاغية السفاح لم يرتو بعد من دماء الشعب السوري!
          إن كنتم تراهنون على التدخل العسكري الأجنبي الأمريكي .. هذا يعني أن سوريا ستخرج من استعمار النظام الطائفي، إلى استعمار الأجنبي الصليبي ـ ولو بصورة غير مباشرة ـ وإلى تدخلاته في دقائق حياتنا اليومية .. فضلاً عن قراراتنا السياسية والاستراتيجية .. ولا أظن أحداً شريفاً يرتضي هذه النتيجة للشام ولأهلها.
          الرجوع إلى الوراء .. يعني الانتحار .. والدمار .. وخيانة الشهداء .. وهو خيار لا يمكن اللجوء إليه .. أو التفكير به .. والشعب السوري كله ولله الحمد متفق على ذلك.
          الاستمرار في هذا النمط والنهج السلمي بالشكل الذي عليه الثورة الآن ـ مع الانتباه إلى ما تمت الإشارة إليه أعلاه ـ يعني الهروب من المسؤولية، ومواجهة الأحداث الضخمة بما تستحق من مواقف وقرارات حاسمة وجريئة .. كما يعني مزيداً من الشهداء والتضحيات يرتكبها الطاغية بدم بارد مستهتر .. غير مبال لشيءٍ؛ لاطمئنانه أن الذي أمامه قد حرم على نفسه حمل سكين أو عصاة يدافع بها عن نفسه .. ولعمر الحق هذا بخلاف أدلة النقل والعقل!
          الدنيء، الجبان، عديم الشرف، والمروءة والقيم، والخلُق، فاقد الشعور بالمسؤولية نحو الوطن والمواطن .. كلما كان خصمه ضعيفاً مسالماً مستسلماً .. كلما أمعن في إذلاله والاعتداء عليه، وعلى حرماته .. ولا أظنكم تختلفون معي في أن الطاغية بشار الأسد، وعصابته هم أشد الناس دناءة وجبناً، وانعداماً للشرف والمروءة والقيم والخلُق الحسن!
          إذاً نحن أمام بلاء عظيم، ومشكلة كبيرة لم تعرفها سورية من قبل .. لا يكفي لحلها وعلاجها الاقتصار على مبدأ سلمية الثورة .. وشعار " سلمية سلمية "، ومن ثم تجريم أي محاولة ترد بعضاً من جرائم النظام وعصابته عن الشعب السوري، وعن حرماته!
          ما هو المُقترَح، وما هو التوجيه الذي نراه في هذه المرحلة الحرجة، وهذه الظروف ..؟
          أقول ما يلي:
          أولاً: ابتداء حتى لا أُفهم خطأ، أؤكد على أهمية وضرورة الحفاظ على الحراك السلمي، والأنشطة السلمية؛ من تظاهرات، واعتصامات، وعصيان مدني وغيرها .. وأن يكون ذلك السمة العامة لنشاطات الشعب السوري، والثورة السورية .. فهذا ميدان لا نستخف به، ولا نهون منه، بل ندعو إلى تفعيله، وتطويره، وابتكار وسائل جديدة تفاجئ النّظام الطاغي، وتزيد عليه الضغط.
          ثانياً: تشكيل لجان أمنية محترفة منضبطة من شباب الثورة .. على غرار التنسيقيات الإعلامية .. تُنشَأ تنسيقيات أمنية جهادية .. تعتمد الكتمان في إنجاح حوائجها .. يُلقَى على عاتقها مهمة حماية الثورة وكوادرها الفاعلة .. وحماية الأعراض، والحرمات من عدوان عصابات النظام وشبيحته الأمنية ما استطاعت لذلك سبيلاً .. فإن لم تستطع رد جميع عدوان وجرائم النظام وعصاباته .. فهي تقلل منها ومن آثارها .. والقليل في هذه المرحلة خير من لا شيء .. وهذا لا يتعارض مع التوجه العام السلمي للثورة كما هو مشار إليه أعلاه في النقطة الأولى.
          وحتى لا يكون كلامي عاماً ومبهماً أفصل وأحدد، فأقول: هذه اللجان الأمنية تقتصر مهامها على تحديد الأشخاص أو العناصر الذين يعتدون على بيوت وأعراض المواطنين .. أو يعتدون على بيوت الله فيعيثون فيها فساداً وخراباً .. أو تشتد فتنتهم وأذيتهم وتعذيبهم للمواطنين .. بما في ذلك العناصر المجرمة التي تُشرِف على فتنة وتعذيب السجناء في السجون، ويكرهونهم على السجود للطاغية، أو القول: لا إله إلا بشار ... فيتم تحديدهم، ومن ثم استهدافهم .. والتعامل معهم بمقتضى الشرع .. وبصورة توقف عدوانهم كلياً عن الشعب السوري .. من أي طائفة كانوا ينتمون إليها .. فالانتماء الطائفي ـ أياً كانت صفته وهويته ـ ليس عاصماً للمجرمين المفسدين يمنع من استهدافهم وتأديبهم وإسكاتهم.
          هذه اللجان أو التنسيقيات الأمنية الجهادية .. لا تشارك في التظاهرات .. ولا في أي نشاط سلمي .. حتى لا يكون تواجدهم في المظاهرات ذريعة للطاغية المجرم لاستهداف الشعب السوري الأعزل المتظاهر سلمياً.
          ثالثاً: تعزيز مبدأ الدفاع الفردي عن النفس، والعِرض، في حال اعتدت كلاب الطاغية المسعورة على البيوت والأعراض والحرمات .. حتى لا يحسبوا أن السطو على البيوت والحرمات سهلاً .. فالموت ولا المذلة، وانتهاك الأعراض أمام أعين الرجال .. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من قُتِل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتِل دون عِرضه فهو شهيد، ومن قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتِل دون مظلمته فهو شهيد، ومن قُتِل دون أخيه فهو شهيد، ومن قُتِل دون جاره فهو شهيد ". أي من قُتِل في سبيل الله دفاعاً عن دينه، عن عِرضه، عن ماله، عن مظلمته .. فهو شهيد .. وهذا لا يتعارض مع التوجه العام لسلمية ثورة الشعب السوري كما هو مشار إليه في النقطة الأولى.
          رابعاً: تعزيز موقف حركة ضباط الأحرار الشرفاء، الذين انشقوا عن الجيش السوري، وأبوا الانصياع لأوامر الطاغوت بقتل الشعب السوري .. والعناية بتوجيه النداءت المتكررة للعناصر الشريفة في الجيش، لتنضم إلى مجموعة حركة ضباط الأحرار .. وتكثير سوادها .. ليقوموا بمهمة الدفاع عن شعبهم وبلدهم .. المهمة الأساسية المنوطة بالجيش .. إذ ألحظ تقصيراً كبيراً من قبل المعارضة التقليدية بحق هؤلاء الشرفاء .. فعلى كثرة بياناتهم التي يصعب حصرها ـ وفيم ينفع وما لا ينفع ـ فإنهم يشحون على هؤلاء الضباط والجنود الشرفاء ببيان تأييد وتشجيع.
          خامساً: مطالبة حركة الضباط الأحرار بتوسيع أنشطتها العسكرية .. وتأمين محاضن آمنة لمن شاء من الثوار المدنيين الالتحاق بهم .. كما يستحسن ـ إن تيسَّر ذلك ـ التنسيق بين اللجان الأمنية الجهادية الآنفة الذكر، وبين حركة الضباط الأحرار .. ليكون العطاء أكثر نفعاً بإذن الله .. مع التأكيد على أن كل من يلتحق من الثوار المدنيين بحركة الضباط الأحرار، أو بالتنسيقيات أو اللجان الأمنية الجهادية .. عليه أن يعتزل كلياً جميع التظاهرات والأنشطة السلمية .. للسبب الآنف الذكر أعلاه.
          بمراعاة مجموع ما تقدم ذكره في النقاط الواردة أعلاه، والعمل بمقتضاها، نكون ـ بإذن الله ـ قد جمعنا بين سلمية الثورة، وبين القوة التي تحمي حق الثورة .. كما نكون قد حققنا نوع ردع لجرائم الطاغوت ونظامه وشبيحته .. بحق الشعب السوري الأعزل.
هذا ما أردت بيانه وقوله .. وما أردت إلا خيراً .. فإن أصبت فمن الله تعالى، وأحمد الله .. وإن أخطأت فمن نفسي، وأستغفر الله.

اللهم إنّي قد بلغت، اللهم فاشهد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
14/9/1432 هـ. 14/8/2011 م.


إرسال تعليق

 
Top