س92: ما تعليقكم على ما قاله القرطبي صاحب المفهم رحمه الله ( 5/118 ) بعد أن نسب القول بظاهر الآية الكريمة ] ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [ للخوارج :" ومقصود هذا البحث أن هذه الآيات المراد بها أهل الكفر والعناد، وأنها وإن كانت ألفاظها عامة، فقد خرج منها المسلمون، لأن ترك العمل بالحكم مع الإيمان بأصله هو دون الشرك، وقد قال تعالى:] إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [، وترك الحكم بذلك ليس بشرك بالاتفاق، فيجوز أن يغفر، والكفر لا يغفر، فلا يكون ترك العمل بالحكم كفراً " انتهى.
الجواب: الحمد لله رب العالمين . ليس عندي المرجع المنقول عنه كلام القرطبي لأنظر كلامه المتقدم والمتأخر عما نقل.
وما نقل عنه رحمه الله ليس فيه مشكل إن شاء الله، وبيان ذلك في النقاط التالية:
1- قد أثبت أن هذه الآيات يراد بها أهل الكفر والعناد .. أي أنها نزلت ويراد بها الكفر الأكبر، والظلم الأكبر، والفسق الأكبر .. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في الأجوبة على الأسئلة المتقدمة .
2- أثبت أن ألفاظها عامة تشمل كل من وقع بما وقع به اليهود من التبديل والتغيير لشرع الله تعالى .. وكان معانداً لحكم الله.
3- وقوله فقد خرج منها المسلمون .. يريد بذلك مخالفة الخوارج الذين حملوا الآيات على مطلق من لم يحكم بما أنزل الله .. بل لجهلهم فقد حملوها على الصحابة والتابعين كما هو موقفهم من قصة التحكيم التي حصلت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما.
ويريد كذلك أن المسلم ممكن أن يقع في نوع من الترك لحكم الله تعالى ـ كما حصل لبني أمية والعباسيين ومن جاء بعدهم ـ ومع ذلك يبقى على توحيده .. ولا يطاله الكفر الأكبر الوارد في الآيات، كما قال ابن عباس وغيره من أهل العلم .
مع التنبيه أن قوله:" ترك الحكم " لا ينبغي أن يُحمل على مطلق الترك بما في ذلك ترك الحكم بالتوحيد .. فهذا ليس مراده، ولو حمل المعنى على مطلق الترك، فهو خطأ ظاهر ومردود عليه.