س624: لم أفهم قول جهم ولا الفرق بينه وبين قول محمد بن كرام في الإيمان، وكذلك قول بشر المريسي .. وهل كان لجهم علاقة باليهود من حيث إدخال هذه الضلالات في دين المسلمين .. حيث لا بد أن هناك علاقة بين ما سبق وقول سعيد بن الجبير " المرجئة يهود أهل القبلة " وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. جهم بن صفوان قال: الإيمان هو معرفة القلب وتصديقه وبالتالي فإن الكفر عنده وعند أتباعه محصور بتكذيب القلب فقط .. فأخرج بذلك الأعمال الباطنة والظاهرة من مسمى الإيمان.
أما محمد بن كرام فقال: الإيمان قول باللسان فقط، فأخرج بذلك مطلق الأعمال القلبية والأعمال الظاهرة على الجوارح من مسمى الإيمان، وعلى مذهبه الضال: الزنادقة المنافقون مؤمنون ومن أهل الجنة.
والفرق بينه وبين جهم أن ابن كرام اشترط قول اللسان وجهم لم يشترطه، كما أن جهماً اشترط تصديق القلب ومعرفته وابن كرام لم يشترطه.
أما بشر المريسي فقال: الإيمان تصديق بالقلب واللسان .. فوافق جهماً من جهة تصديق القلب وخالفه من جهة اشتراطه لتصديق اللسان، ووافق ابن كرام من جهة اشتراطه لتصديق اللسان وخالفه من جهة اشتراطه لتصديق القلب .. وما سوى ذلك فالثلاثة متفقون على إخراج الأعمال الظاهرة والباطنة من مسمى الإيمان .. وثلاثتهم على باطل عظيم.
والقول بأن جهماً له أصول يهودية فلا أعرف من أهل العلم من قال بذلك .. وقول سعيد بن جبير الوارد في السؤال محمول على المشابهة؛ أي شابهوهم بالتفريط والجفاء، وتزكية النفس على الله .. فكما أن اليهود قد زكوا أنفسهم على الله، قالوا عن أنفسهم أنهم شعب الله المختار .. وأنهم أهل جنته .. وأن النار لا تصيبهم إلا أياماً معدودة كما قال تعالى عنهم:) وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ(البقرة:80. وقال تعالى:) قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(البقرة:94. وقال تعالى:)قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(الجمعة:6. كذلك أهل الإرجاء والتجهم .. فإنهم حكموا ـ وفق أصولهم الباطلة ـ على الكفرة والمجرمين من أهل الإعراض والعناد بالنجاة وأنهم مؤمنون ومن أهل الجنة .. وقالوا إيمان الفجرة العصاة كإيمان جبريل والأنبياء .. فجرؤوا الناس على التواكل وترك العمل .. وأوكلوهم إلى الذرة من الإيمان .. فتشابهت أقوالهم وأفعالهم فعدهم السلف لأجل ذلك يهود أهل القبلة، والله تعالى أعلم.