س595: هل يجوز طلب التعويض القضائي لمن كان معتقلاً في سجون الطواغيت من المحاكم التي تحكم بغير ما أنزل الله ، علمًا بأن هذا التعويض المالي يقوم المحامي بعمله وبكل إجراءاته بدون تدخل من الأخ الذي يطالب بالتعويض .. وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. ذكرنا في أكثر من موضع أن الحقوق المغتصبة إن تعذر تحصيلها إلا من خلال تلك المحاكم الوضعية المنتشرة في بلاد المسلمين وغيرها .. وكان تحصيلها لا يتضاد ولا يتنافى مع شرائع الإسلام .. جاز تحصيلها مع إضمار العداوة والكره لتلك المحاكم .. وكل ما خالف شرع الله تعالى .. بهذه الشروط يجوز تحصيل الحقوق .. وطلب التعويض أو الانتصاف لمن سُجن ظلماً في سجون الطواغيت الظالمين .. هو من تلك الحقوق التي يجوز تحصيلها .. حيث قد ثبت في الإسلام شيء اسمه شراء المظالم وتعويض المظلوم بالمال الذي يرضيه ويجعله يعفو عن مظلمته كما حدث ذلك في شراء عمر بن الخطاب لمظلمة تلك المرأة التي كانت تطبخ الحجارة لتُسكت أطفالها الجياع عنها .. إلا من سُجن بسبب الجهاد في سبيل الله فإن أجره على الله .. لا يجوز أن يُطالب بتعويض أو بأجره أو بعضاً منه من عدوه .. فقد ثبت أن أبا بكرٍ رضي الله عنه بادئ ذي بدئ أراد أن يُلزم المرتدين بدية من قُتل على أيديهم من المسلمين .. فأخبره عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن قتال المسلمين هو من الجهاد في سبيل الله وأن قتلاهم شهداء أجرهم على الله تعالى لا تُدفع لهم الدية .. فأمسك أبو بكر عن إلزام المرتدين بدفع الدية .. والله تعالى أعلم.
فإن قيل: ماذا تقصد بقولك وكان تحصيلها لا يتنافى مع شرائع الإسلام؟
أقول: أي ينحصر الطلب على تحصيل الحق المغتصب فقط من دون المطالبة بإنزال أية عقوبة تخالف الشرع؛ فمثلاً من سُرق له ألف دينارٍ وعُرف السارق .. فله أن يُطالب باسترداد المبلغ الذي سُرق منه فقط من دون أن يُطالب بإنزال العقوبات الغير شرعية بحق السارق كالسجن ونحوه .. فتحصيل حقه بهذا القدر لا يتعارض ولا يتنافى مع شرع الله تعالى .. كما لا يجوز أن يُحمل عليه حكم المتحاكم إلى الطاغوت .. والله تعالى أعلم.