GuidePedia

0


الشعوب قد تصبر .. وتضحي .. لكن لا تقبل أن تعيش في فراغ سياسي من غير نظام، ولا راعٍ يسوسهم بالسوية والحق والعدل، ويرعاهم، ويرعى شؤونهم الدينية والدنيوية .. كما لا تقبل أن تضعها في نفقٍ لا أفق ولا نهاية له .. ومن يُحاول أن يُعيق بينها وبين الاستقرار السياسي الذي به تنتظم حياتهم الدينية والدنيوية .. سيتجاوزونه .. وربما يُقاتلونه لو اقتضى الأمر .. مهما كانت شعاراته مقدسة، وغاياته نبيلة!

وهو ما تنبه له سلفنا الصالح من قبل .. فلم يقبل الصحابة رضي الله عنهم أن تعيش الأمة يوماً واحداً في فراغٍ سياسي بعد وفاة النبي صلوات الله وسلامه عليه .. خشية أن يضطرب نظام الأمة، وينفرط عقدها .. وتتفرق كلمتها .. فقدموا الانشغال باختيار خليفة لهم، تجتمع عليه كلمة الأمة على الانشغال بدفن جثمان الحبيب صلوات الله وسلامه عليه .. فاجتمعوا في سقيفة بني ساعدة، واختاروا لأنفسهم أبا بكر الصديق رضي الله عنه خليفة لهم.
ولما اغتيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. وكان على فراش الموت .. أوصى أن تكون الخلافة شورى بين ستة أنفار من الصحابة، وهم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض فسمى علياً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرحمن بن عوف .. وأشرك معهم عبد الله بن عمر كمستشار، وليس له من الأمر شيءٍ .. وأجّلهم ثلاثة أيام لا غير، ليختاروا من بينهم خليفة وقائداً .. لأن الأمة لا تحتمل ولا تقبل أن تعيش فراغاً سياسياً من غير نظام ولا قائدٍ لأكثر من ثلاثة أيام .. وهذا جانب هام يجب أن يدركه العاملون من أجل الأمة والملة .. ويهتموا له .. ويقلقوا من أجله .. وإلا فالشعوب قد تتجاوزهم إلى غيرهم، ولا يلوموا حينئذٍ إلا أنفسهم! 
20/6/2016

إرسال تعليق

 
Top