recent
آخر المشاركات

متفرقات حول الأوضاع المستجدة في أفغانستان.

 متفرقات حول الأوضاع المستجدة في أفغانستان.

          ما يغتاظ من النصر الذي حققته حركة الطالبان الإسلامية في أفغانستان إلا منافق، مريض القلب،  يضمر الغش، والحقد على الإسلام والمسلمين، أو جاهل من ذوي الجهل المركب.

          أيما جيش محلي وطني يبنيه العدو الغازي والمستعمر لمآربه، جيش له صفة الارتزاق، سرعان ما ينهار ويتفكك، عندما يرفع العدو المستعمر يده عنه.

          فقد استمعت لكلمات بعض مندوبي مجلس الأمن، المنعقد بخصوص الأحداث المستجدة في أفغانستان .. فكان كل منهم يتكلم، ويحدد موقفه بناء على مصالحه، وخلفيته الدينية والطائفية التي ينتمي إليها .. لكن بأسلوب سياسي " عنكليزي "، غير مباشر!

          ما أكثر العصي التي ستوضع بين عجلات حكم الطالبان .. يُكثرون من وضع العصي بين عجلة حكم الطالبان .. ثم يُطالبونهم بحكم ونظام مثاليين .. كان الله في عون الطالبان .. وسدد اللهُ خطاهم، ورأيهم.

          العَفو عَمَّن تلوث بالخيانة والعمالة للعدو الخارجي؛ شيء، وقد يكون إيجابياً .. وإشراكهم في الدائرة الضيقة للقرار السياسي، وللحكم، شيء آخر؛ يعني زرع أعين تنقل للعدو خصوصيات الحكم، والشاردة والواردة!

          حقيقة واحدة لم تعترف بها أمريكا ولا المجتمع الدولي؛ وهي أن قرارهم إسقاط دولة الطالبان كان خطأ كبيراً؛ ولا أدَلّ على ذلك من الفاتورة الضخمة في الأرواح والأموال التي دُفعت خلال العقدين المنصرمين .. ثم هاهم الطالبان ــ بعد عشرين عاماً ــ يعودون ــ ليحكموا البلاد ــ مرة ثانية، وأقوى مما كانوا!

          أفضل، وأصدق، وأقوى تصريح للطالبان، قولهم: أنهم لن يتبنوا الديمقراطية طريقاً ومنهجاً لحكم البلاد والعباد .. جزاهم الله خيراً.

          انهار الديك امرأة فلسطينية تلد في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومثيلاتها الكثير من الفلسطينيات اللاتي يلدن في سجون الاحتلال ظلماً وعدواناً .. تصوروا لو كان يحصل شيء من ذلك في سجون الطالبان .. لأقاموا الدنيا زعيقاً وإنكاراً، وما أقعدوها .. تباكياً على حقوق المرأة؟!

          الكل يدعو الطالبان إلى تشكيل حكومة تشاركية ــ حتى لو أدَّى هذا التوسع في المشاركة إلى تعطيل عملها الوظيفي ــ تتسع لجميع الأطياف، والتجمعات أملاً في أن يكون لهم في تلك الحكومة يداً، وعيناً، وذنَباً يعمل لصالحهم، ومآربهم ...!

          الحكومة وتشكيلاتها ليست هدفاً ولا غاية، وإنما هي وسيلة لغاية خدمة الإنسان في جميع مرافق حياته .. بينما هي عند الأحزاب المتصارعة المتكالبة على حتة منصب هدف وغاية، دونها كل الغايات .. والإنسان، والشعب ومصالحه آخر ما يُلتفت إليه، ويُفكّر به!

          المناصب الحكومية ــ مهما علت مراتبها ــ تكليف .. وخدمة .. وأمانة .. ومغرم .. بينما هي عند كثير من الأحزاب ــ وذوي النفوس المريضة ــ التي تتصارع وتتكالب على المناصب الحكومية، مغنم .. وفرصة للاستعلاء، والاستغناء السريع!

          الذين يعبدون عجل الديمقراطية، ما دام الطالبان قد وصلوا إلى حكم أفغانستان، وأعادوا دولتهم، عن غير طريق الديمقراطية ــ مهما حققوا من مكاسب إيجابية ومحمودة لشعبهم وبلدهم ــ فهم مرفوضون، ومتَّهمون، يُشكك في نواياهم، وصدقهم، وجهادهم!!

          نهنّئ الطالبان، والشّعب الأفغاني على نيل الاستقلال، وجلاء الغُزاة المحتلين عن أرضهم، وخروج آخر جندي من أفغانستان .. سائلاً الله تعالى لهم السداد والتوفيق، والانتصار في مرحلة بناء الدولة، ومؤسساتها، وهي مرحلة الانتصار فيها أشد وأهم من مرحلة الانتصار على الغزاة، وإخراجهم من البلاد .. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

          جميع الاستخبارات العالمية، مع حكامهم، وجيوشهم لم يتوقعوا سقوط كابل أمام زحف مجاهدي الطالبان بهذه الطريقة، وهذه السرعة .. وجواب ذلك في كتاب الله:[ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ ]الحشر:2. 

          يتحدثون عن تريليونات من الدولارات التي أنفقوها في غزوهم لأفغانستان، ثم ها هم بعد عشرين عاماً يخرجون خائبين مخذولين من أفغانستان، والحسرة تملؤهم على ما أنفقوا، وقدَّموا، ومن غير طائل يُذكَر .. جواب ذلك في كتاب الله:[ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ]الأنفال:36. فهل مِن مُعْتَبِر؟!

          هنيئاً لحركة الطالبان، وللشعب الأفغاني، سيطرة الحركة الكاملة على ولاية بنشير، وبالسيطرة الكاملة على هذه الولاية، تكون حركة الطالبان قد حررت جميع التراب الأفغاني من الغزاة المحتلين، ومن عملائهم .. لله الحمد والشكر.

          غَايَةُ العَمَلِ الحكُومِي: العَدْلُ، والأمْنُ، والتَّنْميَةُ .. ما قِيمةُ حُكُومَةٍ تحقِّقُ اشْتراكَ جَميع الأطيافِ، والتَّجمُّعَاتِ، يَكثُرُ فيها وضعُ العِصِيِّ بينَ العَجَلات، لا تحقِّقُ تِلكَ المعَانِي؟!

          ما قيمةُ حُكومةٍ تحقق مطالب المجتمع الدولي في توسيع دائرة المشاركين فيها .. حكومة غير متجانسة ولا متماسكة، يكثر فيها وضع العصي بين العجلات .. بينما هي تفقد القدرة على تحقيق مطالب الشعب في العدل، والأمن، والتَّنمية؟!

          في أمريكا، وبريطانيا، وفرنسا، وغيرها من الدول الأوربية .. الحزب الفائز في انتخاباتهم، مهما كان فارق الأصوات ضئيلاً .. هو الذي يحكم .. والحزب المنافس الخاسر، يتحول إلى صفوف المعارضة .. ولا أحد يُطالب الحزب الفائز بضرورة مشاركة الحزب الخاسر في الحكم .. فعلام ما هو حلال لهم، حرام على الطالبان؟!

          تيسير علوني زعلان على الهزارة؛ لماذا حكومة الطالبان تخلو من عناصر من الهزارة .. ونسي الأخ ما يفعله هزارة سوريا به، وبأهله، وشعبه، وبلده ...؟!

          إيران تتَباكى على عدم مشاركة الهزارة في حكومة الطالبان .. بينما هي تمنع المسلمين السنَّة في إيران ــ وتعدادهم يزيد عن ثلث الشعب الإيراني ــ من أن يكون لهم مسجد في طهران ...؟!

          لو وُجدَت دراسة بعنوان " كيف تعاملت قنوات BBC البريطانية مع الأحداث المستجدة في أفغانستان "، لخرجت بمجلدات عدة؛ خلاصتها غياب الأمانة، والإنصاف، والحياد في التَّعاطي مع الأحداث الجارية.

          شروط أمريكا والدول الغربية على الطالبان ليس لها حد ينتهون عنده .. فإن أجبتهم لشرط من شروطهم اشترطوا عليك شرطاً آخر .. وهكذا إلى أن تجيبهم إلى شرط الانسلاخ من الدين كلياً، ولا يرضيهم منك ما هو أقل من ذلك، كما قال تعالى:[ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ]البقرة:120.




author-img
الشيخ أبو بصير الطرطوسي

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent