[ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى ]طه:120. هذه الشجرةُ كأيِّ شجرةٍ؛ ليسَ فيها مَا يُميِّزُها عن أشجارِ الجنَّةِ، سوى أنَّها يُمنَع مِن الأَكلِ مِنها .. ففي الجنَّةِ مِن الأشجارِ، والثمارِ، والخيرَاتِ ما هو خَير مِنها بكثيرٍ .. وبالتَّالي لَا يمكن أن تجذبَ آدمَ إليها معَ نَهي الخَالق له عن الأكلِ مِنها .. والشيطانُ الرَّجيمُ ـ عَدُو آدَم، وعدُو ذُريَّته مِن بعدِه ـ أدرَك ذَلك .. فأخَذَ يُزينُ الشجرةَ لآدَم، ويَصفُها بخصَائِص، وصِفَاتٍ ليسَت فيها؛ تجعَلُ آدَمَ مَشدُوداً للأكلِ مِنها .. فوصَفَها ـ وهو كَذُوب ـ بأن من أكلَ مِن هذه الشجرةِ يُكتَبُ له الخُلدُ؛ فلا يموتُ أبَداً، ويُعطَى مُلْكٌ دَائمٌ لا يَنقضِي أبَداً .. وهذا مَعنى تَستشوفُه النُّفُوسُ، وتَرغبُه .. فضَعُفَ آدَمُ؛ فصَدَّقَ عَدُوَّه الكَذُوب، وأكلَ مِنها .. وهكَذا حَالُ الشَّيطانِ معَ كلِّ باطلٍ ـ وإلى يومِ القِيامَةِ ـ ليجعلَه رائجاً، ومُستسَاغاً، وحتَّى لَا يبُور، يُضفِي عليه ألقَابَ وأوصَافَ المدِيح .. ويَصفُه بمَا ليسَ فِيه، ويُسميه بأسماءٍ تَستحسنُها الآذَانُ والأذْوَاقُ!