GuidePedia

0

بسم الله الرحمن الرحيم

          الحمد لله،  والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد .
          فقد دخلت على موقع " الإخوان المسلمون السوريون " على شاشة الإنترنت، فرأيت فيه العجب العجاب .. رأيت التخبط والانحراف والضلال .. رأيت فيه الشعارات الباطلة التي تناقض العقيدة والتوحيد، والتي هي من سمات العلمانيين المنافقين ..!

          رأيت فيه الغش والكذب .. الكذب على الله وعلى دينه .. الكذب على الشعوب وعلى أنفسهم .. وهذا يُدرك لو قورن بين أي نشرتين نشرتا للقوم في زمنين مختلفين .. فما يثنون عليه اليوم يذمونه غداً .. وما هو من الدين اليوم يستحق التضحية والفداء .. فهو في اليوم التالي باطل وضد الدين والعقل .. وما هو كافر اليوم يستحق الجهاد فغداً يكون مسلماً يستحق الولاء والتأييد .. لا ضابط لهم في كل هذه التقلبات والتغيرات سوى حكم الهوى والمصالح الأنانية الذاتية الضيقة !!
          رأيت في موقعهم ضياع الثوابت والمبادئ العامة لهذا الدين .. والدعوة إلى العلمانية، والديمقراطية، والقومية، والوحدة الوطنية التي تكرس عقيدة الولاء للتراب والأرض والأوثان، وليس لعقيدة الدين والتوحيد .. !
          رأيت فيه غياب الخطاب العقدي الديني الإيماني .. ولولا أن القوم اسمهم " الأخوان المسلمون " لما عرفت أن لهذا الموقع أي صلة بالدين أو الإسلام ..!! 
          ومن أشد ما هالني وفاجأني في الموقع ولفت نظري .. رسالة موجهة من علماء الأمة ـ كما زعموا! ـ إلى الطاغية النصيري بشار الأسد المتسلط على رقاب الشعب السوري بقوة الحديد والنار ..!
          ومن حق القارئ قبل أن يقف على الرد على هذه الرسالة أن يقف على محتويات هذه الرسالة وما جاء فيها من باطل، وسقوط وقلة فهم ودراية .. وأن يتعرف كذلك على بعض أسماء الذين وقعوا عليها وأُرسلت باسمهم .
          وإليك أيها القارئ رسالة القوم بكاملها إلى الطاغية المذكور أعلاه، والتي ابتدأت بالعنوان التالي:

" رسالة مفتوحة إلى الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد من علماء الأمة "

          سيادة الرئيس بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية .. السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته، تحية طيبة مباركة وبعد:
          فقد تقلدتم من أمر بلاد الشام أمانة عظيمة، ومسؤولية جليلة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينكم على القيام بحقها، وأداء الأمانة التي أمر الله عباده، وأولي الأمر منهم بشكل خاص، بأدائها:) إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ( . 
          ومما يزيد في عظم الأمانة التي تحملتم أن بلاد الشام ثغرة من ثغور الإسلام، كان لها دورها التاريخي العظيم في حماية أمر هذه الأمة، والذود عنها ضد غزوات الأعداء، وأنها موطن من
مواطن الفئة الظاهرة التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقعة مباركة أحدقت ببيت المقدس، وتولت الدفاع عنه على مر العصور ..
          ولقد أتى على الشام حين من الدهر اجتاحتها محنة عصيبة، تغلب فيها الانفعال وسوء الفهم، وغاب عنها صوت العقل، أدت إلى زعزعت الوحدة الوطنية، وأحدثت شرخاً في الجبهة الداخلية، ما أفاد منها غير أعداء الأمة، والمتربصين بها على كل صعيد .
          إن علماء الأمة ورجالها الموقعين على هذه الرسالة، ليأملون أن يكون عهدكم بداية صفحة جديدة في هذا القطر الشقيق .. وأن تستهلوا عهدكم بالإعلان عن سياسات مستقبلية مبشّرة، تُدخل الاطمئنان إلى قلوب أبناء الأمة في كل مكان .. لتكون بالتالي نقطة اعتبار، تُعين على تحديد موقف مستقبلي إيجابي من عهدكم الجديد، يصب في مصلحة الأمة، ويفوت الفرص على أعدائها المتربصين .
          سيادة الرئيس: إن الموقعين على هذه الرسالة ينتظرون أن تتضمن سياساتكم المستقبلية فيما تتضمن، معلمين بارزين:
          الأول: التأكيد على التمسك بحقوق الأمة في أرض فلسطين العربية المسلمة والجولان، ورفض التنازل عن أي شبر منها، وحشد كافة القوى المادية والمعنوية لمقاومة المشروع الصهيوني بكل أبعاده العسكرية والحضارية والثقافية والاقتصادية ..
          الثاني: أن تستهلوا عهدكم بفتح صفحة جديدة مع أبناء الحركة الإسلامية والوطنية، وتمكينهم من أن يأخذوا مواقعهم مع بقية المواطنين في بناء الوطن والدفاع عنه، وفي حمل راية الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، لرص الصف الداخلي في القطر العربي السوري، وتعزيز الوحدة الوطنية والمساواة وتكافؤ الفرص، لمواجهة التحديات الخارجية . ولعل من أهم ما يُعزز الأمل بمستقبل مشرق: الإفراج عن جميع السجناء السياسيين، وإنهاء كل الملاحقات السياسية، وإلغاء القوانين الاستثنائية التي تعيق المصالحة الوطنية،
وفي مقدمتها القانون رقم 49 لعام 1980 .
          وفقكم الله إلى ما فيه الخير، وأعانكم عليه، وهيأ لكم بطانة نصح ورشاد، تذكركم إذا نسيتم، وتعينكم إذا ذكرتم .. إنه نعم المولى ونعم النصير.
          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
          19 من ربيع الثاني 1421 الموافق 21 تموز 2000 . انتهت الرسالة ([1]) .            
          ـ التعقيب والرد :
          نسجل هذه الردود والملاحظات على ما جاء في طيات هذه الرسالة العصماء الآنفة الذكر إشفاقاً بالقوم ونصحاً لهم .. وتحذيراً لعامة المسلمين الذين فتنتهم الألقاب والمسميات البراقة .. من الزيغ والمضي في اتباع أهل الضلال على ضلالهم وباطلهم، وتكثير سوادهم ! 
          وفي الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه:" من كثر سواد قومٍ فهو منهم " .
          نجمل هذه الردود والمآخذ والملاحظات .. في النقاط التالية:
          1- قولهم " رسالة مفتوحة إلى الرئيس السوري بشار الأسد من علماء الأمة " فيه قمة التأدب والتوقير والاحترام حيث قدموا في الخطاب ذكر اسم المرسل إليه على ذكر أسمائهم كعلماء للأمة ..!!  
          وهذا الأسلوب في المراسلة يكون عادةً عندما يراسل الصغيرُ الحقير الشأن، الكبيرَ المفضال ذا  الفضل والشرف احتراماً وتبجيلاً له .. وهذا ملاحظ في الكتب ودواوين المراسلات التي دونت رسائل الجند والعمال إلى الأمراء والخلفاء ..!
ولكن من الصغير الحقير هنا .. إنهم علماء الأمة كما زعموا ..!!
          ومن الكبير المبجل ذو الفضل والشرف هنا .. إنه الطاغوت النصيري المتسلط على رقاب الشعب بالحديد والنار .. !!
          ثم إذا كان هذا هو مستوى خطاب العلماء ـ كما زعموا ـ في مراسلاتهم لطواغيت الأرض .. فماذا يُرجى من شبابهم وأتباعهم ومقلديهم .. ؟!
          2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تقولوا للمنافق سيدنا، فإنه إن يكن سيدكم فقد أسخطتم ربكم عز وجل " . وفي رواية:" إذا قال الرجل للمنافق: يا سيد فقد أغضب ربه تبارك وتعالى ".
       هذا فيمن يقول للمنافق الذي يُظهر الإسلام ويُبطن الكفر .. فكيف بالذي يقول للكافر المعاند الذي يُظهر ويُبطن الكفر البواح، ويُحارب الإسلام والمسلمين .. يا سيد، أو يخاطبه بعبارات السيادة والتفخيم كما فعل هؤلاء الذين سموا أنفسهم بعلماء الأمة مع ذلك الطاغية المذكور .. لا شك أنهم أولى دخولاً في وعيد سخط الرب عز وجل وغضبه !!
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا لقيتم أهل الكتاب ـ وفي رواية: المشركين ـ فلا تبدأوهم السلام، واضطروهم إلى أضيق الطريق " .
          وقال صلى الله عليه وسلم:" إني راكب غداً إلى يهود، فلا تبدأوهم بالسلام، فإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم ".
          وكان من سنته صلى الله عليه وسلم عندما يراسل ملوك الكفر أن يبدأهم بقوله:" السلام على من اتبع الهدى .. "، كما في رسالته صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم وغيره من ملوك الكفر .
          وذلك أن السلام اسم من أسماء الله الحسنى فلا يُلقى إلا على مؤمن، كما في الحديث:" إنّ السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه الله في الأرض، فأفشوا السلام بينكم ".
          ولكن علماء الأمة ورجالاتها ـ كما زعموا! ـ فقد بدؤوا هذا الطاغية المرتد ذا الكفر المركب والمغلظ بقولهم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة مباركة .. تأمل الكرم والجود والزيادة .. تحية طيبة مباركة .. هكذا ينبغي أن يكون العلماء من أهل السخاء والجود على الطواغيت المجرمين !!
          وهؤلاء أنفسهم لو خطوا رسالة إلى داعية من دعاة التوحيد أو عالم من علماء الأمة لما بدؤوه بمثل هذا السلام والاحترام .. وهذا الكرم والجود .. ولما ألقوا عليه هذه التحيات الطيبات المباركات ..!!
          فهم أعزة على المؤمنين الموحدين أذلة على الطواغيت المجرمين .. بذلك استحقوا لقب علماء الأمة ورجالاتها ؟!!
          4- هذه الرسالة بيعة صريحة منكم أيها العلماء لذاك الطاغية .. وهي كذلك تعبير صريح عن رضاكم به كرئيس شرعي تقلد الرئاسة على سوريا  ..؟!!
          من قلده الرئاسة .. وكيف تقلدها .. ومن الذي أقره عليها ..؟!
          ما أسرع هلكتكم وتأييدكم وتصفيقكم للباطل وأهله ..؟!!
          يكفي للطاغوت أن يقترب منكم شبراً لتقتربوا منه ذراعاً وأمتاراً .. يكفي للطاغوت أن 
يُغازلكم بطرفٍ من الكلام .. لتقولوا فيه القصائد الغزلية والخطب الرنانة تقدمون له فيها أسمى آيات الولاء والطاعة .. تاريخكم كله يحكي عنكم ذلك !!
          في موقفكم الذي دونتموه في رسالتكم العصماء ..قد وقفتم في صف وطابور الطواغيت والكافرين، والمنافقين ـ ضد شعب سوريا المقهور، وضد مسلمي الأمة الذين يتطلعون إلى الخلاص من ظلم الطواغيت في الأرض ـ الذين أبدوا تأييدهم لذلك الطاغية لما رأوا فيه من تحقيق أكيد لمصالحهم وسياساتهم الباطلة ..! 
          وقفتم في طابور الذل والتأييد والمباركة من دون أن ينالكم شرف الدخول إلى القصر والجلوس على الموائد الشهية ..!!
          غيركم له مصالحه الدنيوية الساقطة من وراء هذا الإسراع في التأييد .. أما أنتم كعلماء للأمة .. ماذا تجنون من وراء هذا التأييد، والبيعة والمباركة .. سوى أنكم تضللون شباب الأمة نحو حقيقة هؤلاء الطواغيت .. وسوى البغض والازدراء الذي يوضع لكم في قلوب العباد !!
          رسالتكم هذه .. شهادة زور كتمتم فيها العلم .. وزينتم فيها حكم الباطل .. وغششتم الأمة، والبلاد والعباد .. وما نصحتم !!
          رسالتكم هذه لن ترتد عليكم إلا بالخسران والندم في الدنيا والآخرة، ولات حين مندم  .. وهي تعبير صريح عن الموالاة والتأييد .. وهذا مزلق له بُعد عقدي لا تُحمد عقباه ونتائجه . 
          قال تعالى:) لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان ( . وقال تعالى:) ومن يتولهم منكم فإنه منهم ( . وقال تعالى:) ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ( . وقال تعالى:) ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ( . وقال تعالى:) ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار (.
          وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" ما ازداد أحد من السلطان قرباً إلا ازداد من الله بعداً "؛ هذا في سلاطين الجور من المسلمين، فكيف بمن يزداد قرباً من سلاطين الكفر والردة والإلحاد  ..!
          فإن قيل هؤلاء العلماء! لم يدخلوا في موادة وموالاة الطاغوت الكافر ..!!
          أقول: أعيدوا قراءة الرسالة من جديد، وتأملوا عباراتها وكلماتها .. فسوف تجدون كل كلمة من كلماتها تدخل في معنى من معاني الركون، والتودد، والموالاة ..!!
          ثم إذا كانت هذه الرسالة لا تدخل في الركون للظالمين وفي التودد لهم، وفي موالاتهم .. فكيف تكون الموالاة، وكيف يكون الركون للطواغيت الظالمين ..؟!!
          جاء خياط إلى سفيان الثوري فقال: إني رجل أخيط ثياب السلطان، هل أنا من أعوان الظلمة ؟ فقال سفيان: بل أنت من الظلمة أنفسهم، ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة والخيوط ..!!
          هذا فيمن يخيط ثياب السلطان المسلم الذي عنده نوع جور .. فكيف بمن يخط مثل هذه الرسالة التأييدية العصماء التي خطها علماء الأمة ورجالاتها إلى الطاغوت المتسلط هو وعصابته النصيرية الكافرة على بلاد الشام ..؟!!
فإن قيل: حاكم سوريا الجديد ليس طاغوتاً ولا كافراً .. وبالتالي لا يجوز أن تنزل النصوص الشرعية الآنفة الذكر عليه، وعلى من يدخل في موالاته ونصرته أو تأييده ..؟!!
          أقول: هذا القول أثمه وجرمه أشد من الكفر ذاته .. ثم نقول: إذا لم يكن كافراً .. فما هي الأقوال والأعمال الظاهرة التي حملتكم على القول بإيمانه وإسلامه ..؟!
          آتونا بدليل واحد يدل على إسلام الرجل .. أو أنه يُضمر خيراً للإسلام والمسلمين ..؟!
          ) قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ( ؟!
          فإن قيل: ما هو الدليل على كفره وطغيانه ..؟!
          أقول: الأدلة على كفره وطغيانه، وإلحاده هي أكثر من أن تُحصر في هذا الموضع نذكر منها:
أولاً- أنه نصيري قرمطي .. فهو لم ينخلع من نصيريته ومن كفر طائفته ثم يدخل الإسلام .. وقد نص أهل العلم قاطبة على أن النصيرية أكفر من اليهود والنصارى، والمجوس.
          ثانياً- أنه رئيس لحزب البعث العلماني الكافر، ذي التاريخ الحافل في الكيد والعداء لعقيدة ودين الأمة .. يفرضه على الشعب السوري بقوة السلاح كعقيدة وثقافة ودين بدلاً عن الإسلام دين رب العالمين !
          ثالثاً- ليس فقط لا يحكم بما أنزل الله .. أو أنه يُشرع التشريع المضاهي لشرع الله تعالى .. بل هو يُحارب بحقد وكراهية الحكم بما أنزل الله، ودعاة الحكم بما أنزل الله .. وسجون سورية لا تزال إلى الساعة مليئة بالدعاة إلى الله عز وجل والشباب المسلم .. لا ذنب لهم سوى أنهم يقولون ربنا الله ..!! 
وهي ـ أي هذه السجون ـ أكبر شاهدٍ على تمادي هذا الطاغوت وعصابته النصيرية الحاكمة في الظلم والكفر والعدوان .. !!
          رابعاً- أعلن مراراً وتكراراً عن تمسكه بغرس وإرث أبيه الطاغية الكبير حافظ الأسد .. فما من إجرامٍ أو كفر بواح فعله أبوه إلا ويقره ويحرسه، ويقاتل دونه .. وهو لا يزال يُحافظ
على البطانة الكافرة الملحدة التي خلفها له أبوه، ويقربها إليه ويدنيها منه.. !!
          خامساً- يقوم نظامه كله على الطائفية والكفر والإلحاد والمجون وإشاعة الفواحش .. لا عهد له من قريب ولا من  بعيد بالإسلام .. ولو تأملت جميع نواقض الإسلام التي نص عليها أهل العلم لوجدت أن طاغية الشام ونظامه متلبس فيها جميعا .. وهذا أمر لظهوره يعرفه القاصي والداني ـ إلا علماء الأمة ورجالاتها عما يبدو! ـ لا يحتاج منا لبراهين أو بيان أكثر مما تقدم .
          5- قد استشهدتم ـ يا علماء الإخوان! ـ بقوله تعالى:) إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها (.
          فهلاَّ أديتم الأمانة أنتم أولاً .. هلاَّ أديتم أمانة العلم الذي تدعونه .. هلاَّ نصحتم الأمة وبينتم لها ما ينفعها من أمور دينها ودنياها .. هلاَّ حذرتم المسلمين من كفر وإجرام الطواغيت الجاثمين على صدر الأمة ومقدراتها بالحديد والنار ..؟؟!!
          أم ترانا أنكم كتمتم الحق، وغششتم العباد، وما قمتم بواجب النصح لهم .. وزينتم لهم الباطل .. كما هو ظاهر في رسالتكم الموجهة لطاغية الشام وحزبه وعصابته الحاكمة ..!! 
          6- تأمل قولهم: ومما يزيد في عظم الأمانة التي تحملتم .. وهو كونكم رئيساً على سوريا التي كانت ولا تزال موطناً من مواطن الطائفة المنصورة الظاهرة ..!!
          أي أن الشام موطن من مواطن الطائفة المنصورة الظاهرة .. وأنتم على رأس هذه الطائفة المنصورة لكونكم تمثلون أعلى سلطة في سوريا الشام .. وهذا مما يزيد من عظم الأمانة الملقاة على عاتقكم .. !!
          هذا معنى كلامهم .. وهذا هو مرادهم .. وهذا ما يدل عليه لفظهم المنطوق ..!!
          أرأيت أيها القارئ كيف يؤدون الأمانات إلى أهلها .. أرأيت كيف يكون النصح والبيان والصدع بالحق .. بل أرأيت كيف يكون الغش والكذب على العباد .. وكيف يكون النفاق والتدليس، والتودد والركون للطواغيت الظالمين ..؟!!
          لا تعجب، إنهم علماء الأمة ورجالاتها .. كما قالوا وزعموا ..!!
          ثم نسأل علماء الأمة وفحولها: من حمَّل طاغية الشام النصيري أمانة الحكم .. وكيف تحملها وآلت إليه .. ؟!
          هل تحملها بسلطة الشرع والدين، واختيار أهل الحل والعقد له .. أم أنه تحملها باختيار الشعب له وانتخابهم له على طريقة الأنظمة الديمقراطية الحرة ..؟!!
          فإذا كان الجواب قطعاً لا هذا ولاذاك .. بقي جواب واحد لا يجوز أن يكون له ثانٍ وهو أنه سطى على الحكم بالإرهاب وبالحديد والنار .. وبواسطة العصابة الحاكمة والمتنفذة التي مـن
أدواتها في إقناع الشعوب وإسكاتها: السجون، والسلاسل، والسياط، والتعذيب حتى الموت ..!!
          فمن كان كذلك .. أيجوز لكم يا علماء الإخوان ـ عفواً يا علماء الأمة! ـ أن تخاطبوه بقولكم:" ومما يزيد في عظم الأمانة التي تحملتم .. " ؟!
          اسمحوا لنا أن نقول لكم: لا أنتم هؤلاء الذين احترموا الشرع والدين أو العلم .. ولا أنتم أولئك الذين يحترمون ديمقراطياتهم التي تلوكونها على ألسنتكم، وتتشبعون بها في ندواتكم ومناظراتكم بين الفينة والأخرى ..!!  
          7- لنعيد قراءة ما قالوه عن الجهاد المبارك ـ الذي قامت به طليعة من الشباب المسلم الموحِّد ـ الذي حصل في سوريا الشام:" ولقد أتى على الشام حين من الدهر، اجتاحتها محنة عصيبة، تغلب فيها الانفعال وسوء الفهم، وغاب عنها صوت العقل، أدت إلى زعزعة الوحدة الوطنية، وأحدثت شرخاً في الجبهة الداخلية، ما أفاد منها غير أعداء الأمة، والمتربصين بها على كل صعيد !!".
          نسجل على بهتانهم وظلمهم هذا الملاحظات التالية:
          أولاً: اعتبارهم الجهاد الذي حصل في سوريا ضد الطغمة النصيرية الحاكمة مجرد انفعال ناتج عن سوء فهم وتقدير للأمور، وهو عبارة عن عمل طائش غير عاقل فضلاً عن أن يكون مشروعاً وجائزاً ([2])..!
          وهذا مفاده الطعن بالمجاهدين ـ الذين قضوا نحبهم في سبيل الله ـ وجهادهم، ورميهم بالسفه والجهل، وأن ما قاموا به ناتج عن انفعال وسوء فهم لا مسوغ له شرعاً ولا عقلاً ..!!
          وهو مفاده كذلك أن هذه الطغمة النصيرية الحاكمة والجاثمة على ثرى الشام .. وجودها شرعي، وأن حكمها ونظامها الطائفي كذلك هو شرعي .. لا يجوز جهادها أو قتالها، أو مد يد السوء إليها.. ومن يفعل فهو عديم الفهم والعقل .. !!
          وهو قول مفاده الجحود والإنكار والاستهانة .. بعشرات بل بمئات النصوص الشرعية التي توجب الخروج والقتال ضد هؤلاء الكفرة الزنادقة، ومن كان على شاكلتهم من الكفر والمروق والإجرام، وهي قطعاً لا تخفى على علماء الأمة ورجالاتها ..!! 
قال تعالى:) لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين . إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ( التوبة:44-45.
          قال ابن تيمية رحمه الله: فهذا إخبار من الله بأن المؤمن لا يستأذن الرسول في ترك الجهاد وإنما يستأذنه الذين لا يؤمنون، فكيف بالتارك من غير استئذان ..؟! ا-هـ . 
          قلت: فكيف بمن يطعن بالجهاد والمجاهدين .. كيف بمن يثبط الأمة عن الجهاد، ويُبطل شرعية جهاد الطواغيت الظالمين، ويعده من السفاهة والجهالة .. كيف بمن يؤثم المجاهدين لجهادهم .. كيف بمن يجادل عن الطواغيت الكافرين ليمنعوا العباد من جهادهم وقتالهم ..؟؟!!
          لا شك أنهم أولى بالنفاق وبانتفاء الإيمان عنهم .. فليحذر علماء الأمة ورجالاتها بأي نار هم يلعبون !!
          ثانياً: قولهم هذا متغاير ومتناقض مع أدبيات الأخوان التي نشرت في أوائل الثمانينات في مجلتهم النذير، والبيان .. وغيرهما من النشرات الإخوانية؛ حيث كنت تجدها مليئة بالآيات والأحاديث التي تحض على وجوب قتال هذه العصابة الكافرة الحاكمة في سوريا .. كما أنهم نشروا الكتب والنشرات العديدة التي تفيد كفر الطائفة النصيرية ومروقها من الدين .. وبالتالي وجوب جهادها وقتالها !!
          والسؤال: ما الذي تغير وتبدل بين الأمس واليوم .. ما الذي جعل الحق المشروع بالأمس هو باطل وعمل غير عقلاني اليوم .. ما الذي جعل المجاهدين بالأمس هم أبطال وشرفاء يُقال فيهم كل مديح .. هم أنفسهم اليوم سفهاء وغير عقلاء يُقال فيهم كل سوء وذم .. ؟؟!!
          كان الإخوان من قبل أشد ما يُسيئهم أن يُقال لهم: أنتم لا دخل لكم بالأحداث .. أنتم لم تشاركوا الشعب المسلم جهاده وقتاله .. واليوم أشد ما يُسيئهم أن يُقال لهم أنتم وراء الأحداث وما جرى في سوريا .. أنتم شاركتم وأيدتم العمل المسلح ضد النظام في سوريا ..!!
          ما الذي تغير وتبدل ..؟!!
          الجواب: أنه لم يتغير ولم يتبدل شيء .. فالحق لا يزال حقاً وإلى يوم القيامة، والباطل لا يزال باطلاً وإلى يوم القيامة .. ولكن الذي تغير وتبدل هم الأخوان أنفسهم .. إنهم كما ألفناهم وخبرناهم يكذبون .. يكذبون على شعوبهم حتى نفر منهم الكثير الكثير من الناس .. يكذبون ولا يستحون من الكذب .. فهم يدورون مع مصالحهم الحزبية الضيقة التافهة وإن أدى ذلك للتلون
والكذب والمراوغة ومناقضة الثوابت والأصول ..!!
          ولما كان للجهاد والمجاهدين في سوريا شوكة وقوة .. قالوا نحن أبو الجهاد والمجاهدين، ونحن الذين صنعنا الجهاد وفجرناه، رغبة في تقسيم الغنائم وركوب الموَج واستغلال الفرص .. ولما وصلت إليه البلاد إلى هذا الحال الذي آلت إليه ـ بسبب من أنفس الأخوان ومن مداخلاتهم المريبة، وسلوكياتهم الغير شرعية، وتحالفاتهم الباطلة مع أحزاب الكفر والردة ـ وتعينت دفع التكاليف والضرائب .. قالوا لا دخل لنا بما حصل في سوريا .. وما حصل ليس بجهاد .. والذين جاهدوا ليسوا بمجاهدين .. وليسوا منا، ونحن لسنا منهم ..!!
          صدق الله:) الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ( . وقال تعالى:) ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولون إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين ( .
          هكذا الأخوان .. وهكذا حزبهم .. وهذا الذي وجدناه ولمسناه منهم .. ولا حول ولا قوة إلا بالله . 
          ثالثاً: ماذا تعني الوحدة الوطنية .. التي يتباكون عليها ويحرصون عليها .. وما مدى شرعية وصحة هذا الشعار الذي لم يُجلب للديار إلا الخراب والدمار ..؟!
          الوحدة الوطنية: تعني أن جميع الطوائف والملل، والأحزاب، والاتجاهات ـ على اختلاف مشاربها وعقائدها وانتماءاتها ـ التي تعيش في حدود وطنٍ أو قطرٍ معين هي جبهة واحدة، ويداً واحدة على ما سواها من التجمعات والتكتلات والطوائف التي تعيش خارج حدود هذا القطر، وتنتمي إلى وطنٍ آخر غير هذا الوطن ..!!
          ولجميع هذه الطوائف والجماعات والأحزاب حق الموالاة والنصرة بعضها على بعض .. تجاه أي خطر يتهددها من خارج حدود هذا الوطن ..!
          فالوحدة الوطنية .. بكل صراحة تغيب عقيدة الولاء والبراء في الله، أو على أساس الانتماء إلى العقيدة والدين، وتجعله معقوداً في الوطن والتراب؛ فكل من ينتمي لحدود هذا الوطن له كامل الحقوق والواجبات بغض النظر عن دينه وعقيدته وانتمائه، ولو كان من أكفر وأفجر خلق الله ..!!
          كما أن من لم ينتمي إلى جنسية هذا الوطن فليس له أدنى الحقوق التي يُعطاها ابن الوطن وابن الجنسية .. ولو كان من أتقى الناس وأبرهم .. !!
          فالحقوق والواجبات .. وكذلك الولاء والبراء .. كل ذلك يُقسم ويُعطى على أساس
الانتماء إلى الوطن الجغرافي ـ مهما كان ضيقاً أو واسعاً ـ وليس على أساس الانتماء للعقيدة والدين ..!!
          الوحدة الوطنية .. تعني كل هذا الكفر البواح الآنف الذكر .. وعلماء الإخوان ـ عفواً علماء الأمة ورجالاتها ـ يُعلنون عن تمسكهم وحرصهم على كل هذا الكفر البواح .. تحت هذا العنوان والمسمى البراق .. الوحدة الوطنية !!
          رابعاً: كذلك إعلان أسفهم لما أصاب الجبهة الداخلية السورية من شرخ وتصدع ما أفاد منه إلا أعداء الأمة .. فالحكم البعثي النصيري هو الأمة أو من الأمة .. وأي مساس بجبهته الداخلية .. لن يستفيد منه إلا أعداء الأمة !!
          فهم ـ أي علماء الأمة ورجالاتها! ـ يأسفون لما أصاب الجبهة البعثية النصيرية الداخلية من شرخ وتصدع بسبب ضربات المجاهدين .. التي لم يستفد منها ـ كما زعموا ـ  إلا أعداء الأمة ..!!
          نقول: إذا لم تكن ـ يا علماء الإخوان ـ النصيرية والأحزاب العلمانية المرتدة من أعداء الأمة، وداخلة دخولاً كلياً في صف العداء لهذه الأمة، من يكون في نظركم هم أعداء الأمة أو من أعداء الأمة ..؟!!
          أم أنه بلغ بكم الزيغ والانحراف مبلغاً لم يعد تحسنون معه التفريق بين العدو والصديق .. وبين المؤمن والكافر .. وبين المسلم والمرتد .. وبين عدو الأمة من غيره ؟!!
          لكن لا عجب من كل ذلك فأنتم علماء الأمة ورجالاتها ..!!
          معذرة لو قلنا لكم: أعيدوا قراءة أبجديات هذا الدين من جديد .. أعيدوا قراءة ودراسة شهادة التوحيد لا إله إلا الله، محمد رسول الله .. من جديد !
          وإني لأرجو أن لا يصدكم عن هذا التواضع .. الكبر، والشهرة، والشهادات، والألقاب البراقة التي يخاطبكم بها المساكين من عوام الناس ..!!
          8- بعد الذي تقدم نقف على المطالب الرئيسية التي رفعها علماء الأمة ورجالاتها في نهاية رسالتهم العصماء لطاغية الشام ولعصابته الحاكمة .. وهذا يستدعي منا أن نعيد قراءة ما ذكروه من مطالب، فقالوا ويا ليتهم ما قالوا:" سيادة الرئيس إن الموقعين على هذه الرسالة ينتظرون أن تتضمن سياساتكم المستقبلية فيما تتضمن معلمين بارزين:
          الأول: التأكيد على التمسك بحقوق الأمة في أرض فلسطين العربية المسلمة والجولان، ورفض التنازل عن أي شبر منها، وحشد كافة القوى .. الخ !
          الثاني: أن تستهلوا عهدكم بفتح صفحة جديدة مع أبناء الحركة الإسلامية والوطنية،
وتمكينهم من أن يأخذوا مواقعهم مع بقية المواطنين في بناء الوطن والدفاع عنه .. لرص الصف الداخلي في القطر العربي السوري، وتعزيز الوحدة الوطنية والمساواة وتكافؤ الفرص، لمواجهة التحديات الخارجية .. الخ !! " .
          نسجل على هذا الكلام الساقط الملاحظات والنقاط التالية:
          أولاً: أنهم غيبوا من مطالبهم الأهم والأعظم .. وهو مطالبة الطاغية بتحقيق التوحيد حق الله على العبيد .. الذي خلق اللهُ الخلقَ كله، وأنزل الكتب، وأرسل الرسل .. من أجله وأجل تحقيقه !!
          كما قال تعالى:) وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (، وقال تعالى:) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ( .
          أين مطالبته أولاً بأن يصطلح مع الله تعالى .. وأن ينخلع من طغيانه وظلمه وجبروته ويدخل في العبودية لله تعالى شأنه شأن بقية العباد ..؟!
          أين مطالبته بأن يحكم بما أنزل الله .. وأن يُريح العباد والبلاد من الحكم بشرائع وقوانين الكفر والشرك ..؟!
          أين مطالبته بإبعاد وعقوبة العصابة الحاكمة التي سامت البلاد والعباد العذاب والفقر والذل والهوان ..؟!
          أين مطالبته بأن ينخلع من كفر النصيرية ومن عقائدها الباطنية الهدامة، ومن تاريخها الأسود مع الإسلام والمسلمين .. عسى أن يكون سبباً في هداية قومه وطائفته ..؟!! 
          أين مطالبته بأن يطهر البلاد من الشرك الذي يأتي من جهة الأحزاب العلمانية المرتدة المنتشرة على امتداد الوطن السوري ..؟!!
          تغييب هذه المطالب الأهم من رسالة علماء الأمة ورجالاتها لهو دليل من جملة عشرات الأدلة التي تدل على أن علماء الإخوان لم تعد هذه المسائل الهامة .. مسائل العقيدة والتوحيد  داخلة في أولوياتهم واهتماماتهم ومطالبهم ..!! 
          ثانياً: مطالبة طاغية الشام بأن يحشد القوى من أجل تحرير فلسطين والجولان .. وتحسين الظن به في هذا الجانب، هو من جملة عشرات الأدلة على أن الإخوان يكذبون ولا يحترمون ما يكتبون .. ويستخفون بأتباعهم وبمن يقرأ لهم!
          كم هي بياناتكم ونشراتكم ـ يا أيها الإخوان! ـ التي تذكرون فيها عمالة هذا النظام البعثي النصيري للصهاينة اليهود، وأن تسليم الجولان كان بترتيبٍ مسبق بين حافظ الأسد وعصابته الحاكمة وبين اليهود الصهاينة ..!!
          ثم هاأنتم اليوم تطالبون هذا النظام النصيري العميل بأن لا يتنازل عن شبرٍ واحد من أرض فلسطين والجولان .. وبأن يحشد القوى من أجل التحرير والجهاد ؟!! 
          ألا تستحون من هذا التناقض والتذبذب والكذب .. ؟!!
          ثم ترانا أيهما نصدق مئات الصفحات التي كتبتموها من قبل عن عمالة هذا النظام النصيري للصهاينة اليهود .. أم ما كتبتموه مؤخراً في رسالتكم هذه الموجهة لطاغية الشام ؟!!
          ثم هل فاتكم ونسيتم ـ وأنتم علماء الأمة ورجالاتها! ـ  أن هذا النظام يعمل منذ أكثر من ثلاثين سنة ـ كغيره من الأنظمة المحيطة بفلسطين ـ ككلب حراسة مخلص ووفي يحرس طول الحدود السورية مع دولة الصهاينة المغتصبين ليحيل بينها وبين أي عمل أو تسللٍ للمجاهدين يتم عبر الأراضي السورية .. ؟!
          وهل فاتكم وأنتم من أنتم في الدراية والفهم .. أن غرض الحروب التكتيكية المدبرة مسبقاً التي حصلت بين النظام البعثي النصيري وبين الصهاينة اليهود .. ومن خلال ما ترتب عليها من نتائج ومهازل مخزية ومضحكة ومخجلة .. هو إقناع الأمة والرأي العام ـ كما يردد الآن كثير من الناس ـ بأنه لا يمكن تحرير فلسطين عن طريق القوة والحروب .. والبديل الوحيد لذلك هو خيار السلام والاستسلام .. والرضى بالفتات من الحقوق المغتصبة([3]) ؟!!
وهل فاتكم أن النظام البعثي النصيري هو من أول الموافقين والمدبرين لمهازل عملية السلام الجارية في هذه الأيام .. وأن تأخير التوقيعات النهائية ما هو إلا من أجل ترتيبات ضرورية لا بد منها ـ لترويض الشعوب ـ تصب كلها في خدمة وصالح الصهاينة المغتصبين ..؟!
          والشاهد كيف تُطالبون هذا النظام العريق في العمالة والخيانة بالعمل من أجل التحرير والجهاد .. وأنتم تعلمون أن هذا النظام عدو وهو طرف ضد التحرير والجهاد ..؟!!
          من الغباء أيها العلماء .. أن يُقال للصٍ عريق في اللصوصية والغدر احرس الديار والأموال، والحرمات، وحافظ عليها .. وقد وكلناك للذود عنها .. ففاقد الشيء لا يمكن أن يُعطيه !!
          وهكذا مثلكم ومثل طاغية الشام وعصابته الحاكمة ..!!
ثالثاً: مرة ثانية يطالب علماء الإخوان ـ عفواً علماء الأمة ورجالاتها! ـ النظام النصيري الطائفي بأن يعفو عنهم وعن الحركة الوطنية .. التي تعني مجموع الأحزاب والتجمعات العلمانية المرتدة ذات الجذور السورية ..!!
أرأيتم كيف يكون الاعتراف بشرعية الكفر والشرك والردة والدفاع عنه، وكيف تكون المطالبة بالسماح لكل هذا الكم الهالك بأن يعود إلى سوريا .. لماذا .. لكي يأخذوا مواقعهم مع الحركة الإسلامية ـ كما قالوا ـ في مشاركة بقية التجمعات الهالكة الموجودة في سوريا لرص الصف الداخلي البعثي وتقوية الوحدة الوطنية النصيرية .. ومن أجل المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين ـ على اختلاف مللهم ونحلهم وعقائدهم ومذاهبهم وأحزابهم  ـ وعلى أساس انتمائهم للوطن والقطر .. ومن أجل مواجهة التحديات الخارجية، أما التحديات الداخلية النصيرية الطائفية .. فهي لا تحتاج لمواجهة؛ لأنها ليست من التحديات ..؟!! 
ألم نقل لكم أن الإخوان لم يعد يحترموا من الدين شيئاً لا أصوله ولا فروعه .. وأن خطابهم أقرب ما يكون إلى خطاب الأحزاب العلمانية لولا اسمهم الأخوان المسلمون !! 
9- الأخوان المسلمون ـ كحزب ـ سينزلون إلى سوريا .. وسيصطلحون مع النظام النصيري الطائفي الحاكم صلحاً ذليلاً لا ربح فيه ولا فائدة .. صلحاً يرتد عليهم بالخسران والبغض يوضع لهم في قلوب العباد ..!!
سينزلون إلى سوريا مقابل أن يعطوا الولاء والطاعة للقيادة الحالية الحاكمة في سوريا .. ويعتذروا مسبقاً عن جميع المواقف التي أساءت وتسيء للنظام البعثي الطائفي .. ويغيبوا كثيراً من معالم الخطاب الإسلامي في لقاءاتهم وكلامهم وخطاباتهم للآخرين .. فإن فعلوا كل ذلك ـ وقد فعلوا الكثير منه ـ لا مانع للنظام حينئذٍ أن يمنحهم هامشاً من الحياة غير مؤثرة مطلقاً علـى 
مجريات الأحداث داخل سوريا وخارجها ..!
          سيقبلهم النظام النصيري الطائفي لا لأنه يحبهم .. لا، فهو يبغض كل ما يمت إلى الإسلام بصلة .. ولو كان هذا الإسلام على طريقة الإخوان المائعة المنحرفة .. لكنه مع ذلك سيقبلهم لأن أمريكا واليهود يريدون ذلك .. وهو من لوازم عملية السلام مع سوريا ..!
فمن لوازم السلام مع سوريا أن تسمح لجميع الأطراف الموجودة خارج القطر السوري والتي تصيح ضد عملية السلام .. أن تعود إلى سوريا، وأن يمارسوا الصياح والصراخ ضد عملية السلام من الداخل وبطريقة رسمية تحت قبة البرلمان أو مجلس الشعب .. بطريقة غير مؤثرة ولا فاعلة؛ لأن الأكثرية دائماً ستكون في صف الطاغوت ـ كما سيُخطط لها ـ الذي يحرص على تمرير السياسات التي يريدها والتي تصب في صالح أمريكا ودولة الصهاينة اليهود .. كما حصل في الأردن مع الإخوان وغيرها من البلدان .. فإنها تجربة ناجحة بالنسبة للقوم لأنهم لمسوا أن صياح الإخوان وهم تحت ذراع الطاغوت في قبة برلمانه خير لهم من أن يصيحوا وهم أحرار خارج هيمنة وضغط الطواغيت ..!!
إضافة إلى ذلك فإن المعاهدات والصفقات التي يتم توقيعها مع الصهاينة اليهود يكون لها الطابع الرسمي أكثر؛ لأنها تمت بعد أن مرت على إرادة الشعب، ممثلة في مجالس النواب أو الشعب .. وبعد أن تأخذ طريقها إلى التصويت والاختيار .. المضمونة النتائج !!
فالقرارات التي تؤخذ بعد أن تمر على هذه السلسلة الضعيفة الموضوعة .. هي ألزم للشعوب والأمة من القرارات التي ينفرد بها شخص الطاغوت، والتي يسهل التملص منها عند زواله وزوال حكمه ..!!
لذلك لا بد للإخوان المسلمين من أن يعودوا إلى سوريا .. لكي تكتمل المسرحية .. ويتم كل ما تقدم ذكره([4]) !! 
10- وفي الختام نود أن نهمس في آذان علماء الأمة ورجالاتها الذين وقعوا على هذه الرسالة، ونصارحهم القول .. بأنهم ليسوا من علماء الأمة ورجالاتها، ولا حتى من طلابها .. لا لأننا ننكر شهاداتهم، وألقابهم البراقة .. لا، بل لأن الله تعالى يخرجكم ويخرج أمثالكم من أشباه العلماء والرجال من دائرة العلماء الربانيين العاملين .
قال تعالى:) شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيزُ الحكيم ( آل عمران:18.
أفادت الآية معانٍ جليلة عديدة، يخصنا منها معنيان:
أولهما: أن الله تعالى بقوله ) وأولوا العلم ( قد حصر جميع أهل العلم من دون استثناء ـ من لدن آدم u وإلى يوم القيامة ـ ووصفهم بأنهم شهدوا ويشهدوا ـ بالقول والعمل ـ بوحدانية الله تعالى، وأنه لا إله ولا معبود، ولا مطاع، ولا مشرع إلا الله تعالى وحده .
فهم أتوا بشهادة التوحيد التي من أركانها وشروطها خلع الأنداد والكفر ـ اعتقاداً وقولاً وعملاً ـ  بالطواغيت والآلهة التي تُعبد من دون الله تعالى .. بذلك استحقوا أن يكونوا علماء .. واستحقوا شرف أن يُقرن اسمهم مع اسم الله تعالى في أجل وأعظم شهادة على أجل وأعظم مشهود .
ثانيهما: أن من لا يأتي بهذه الشهادة ـ قولاً وعملاً ـ أو أتى بضدها أو بشيء مما يناقضها من الشرك والكفر .. فهو ليس من العلماء، وهو خارج من دائرتهم وحكمهم ووصفهم .. مهما اتسعت شهرته، وراج صيته، أو كبرت شهادته ودرجته الأكاديمية ..! 
وأنتم يا من تشبعتم بما ليس عندكم وفيكم، ووصفتم أنفسكم بعلماء الأمة ورجالاتها .. قد وجدناكم ـ من خلال أدبياتكم ومواقفكم وكلامكم ـ أنكم من الصنف الثاني لا الأول .
فتوبوا إلى بارئكم واستغفروه مما بدر منكم .. واحذروا أن تأخذكم العزة بالإثم والنفس، أو يأخذكم بالله الغرور .. فإن تحملوا أنفسكم على التوبة والندم اليوم في حياتكم الدنيا ـ على ما فرطتم بحق الله تعالى وحق عباده ـ خير لكم بكثير من الندم يوم حصول السؤال والحساب .. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .. ولات حين مندم .
) إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب ( 
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبها صبراً واحتساباً

17/8/1421هـ.                                         عبد المنعم مصطفى حليمة 
15/11/2000 م.                                                           أبو بصير
                                  www.abubaseer.com
                                     
                                      





                  



[1] وقع على هذه الرسالة أربع وأربعون شخصاً نذكر منهم: مصطفى مشهور المرشد العام لجماعة الإخوان   المسلمين، ومأمون الهضيبي نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، وراشد الغنوشي ونائبه عامر العريض، وأسامة التكريتي رئيس الحزب الإسلامي في العراق، وكمال الهلباوي، وعبد المجيد ذنيبات المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن، وعبد اللطيف عربيات، وإسحاق الفرحان، ورابح كبير، وعبد القادر أبو خمخم، وفاضل نور رئيس الحزب الإسلامي الماليزي .. وغيرهم مما لا يتسع المجال لتسويد الصفحات بأسمائهم !! 

[2] لا ننفي حصول بعض الأخطاء سواء على مستوى التصور والفكر، أم على مستوى التطبيق والتنفيذ .. لكن هذه الأخطاء لن تخولنا أبداً أن نطلق على التجربة الجهادية في سورية برمتها بأنها باطلة أو غير شرعية، أو أن العمل كان تصرفاً غير عقلانياً، ولا مسوغ له .. وغير ذلك من الاطلاقات الجائرة المجحفة للحق ولمبدأ الجهاد في سبيل الله ضد ملل الكفر والردة .
   وإن كنا نعتقد أن أكثر هذه الأخطاء حصلت في المراحل الأخيرة من الجهاد في الشام .. وبسبب من الأخوان وحزبهم، ومداخلاتهم الباطلة الفاشلة، وبسبب ما أحدثوه من تحالفات مشبوهة غير جائزة مع أطراف وأحزاب الكفر والردة في المنطقة ..!!

[3] يقول مصطفى خليل ضابط استخبارات الجولان قبل الحرب في كتابه سقوط الجولان ص190: صرح وزير خارجية سورية إبراهيم ماخوس أبان سقوط الجولان في أيدي العدو: ليس مهماً أن يحتل العدو دمشق، أو حتى حمص وحلب .. فهذه جميعاً أراضي يمكن تعويضها، وأبنية يمكن إعادتها، أما إذا قضى على حزب البعث، فكيف يمكن تعويضه وهو أمل الأمة العربية ؟!
   لا تنسوا أن الهدف الأول من الهجوم الإسرائيلي، هو إسقاط الحكم التقدمي في سورية، وكل من يُطالب بتبديل حزب البعث، عميل لإسرائيل ..!!
   وقال قائد الجيش السوري قبل وخلال وبعد الحرب أحمد سويدان: إن المعركة لا تقاس نتائجها بعدد الكيلو مترات التي خسرناها .. بل بأهدافها وما استطاعت أن تحقق؛ فقد كان هدف إسرائيل ليس احتلال بضعة كيلو مترات من سورية، بل إسقاط الحكم التقدمي فيها، وهذا ما لم يتم لها، ولذا يجب أن نعتبر أنفسنا الرابحين في هذه المعركة !! ا-هـ .
   هدف العدوان الإسرائيلي هو إسقاط الحكم النصيري البعثي التقدمي فقط .. وليس مهماً عندهم  أن تسقط أراضي سوريا لقمة سائغة سهلة بيد العدو اليهودي ما دام الحكم النصيري الطائفي التقدمي لا يزال قائماً وموجوداً ..!! 
   أبمثل هؤلاء العملاء الخونة تستنجدون ـ يا علماء الإخوان ـ لكي يستردوا لكم الأراضي والحقوق المغتصبة في فلسطين ..؟!! 

[4] من الملفت للنظر أننا نجد كلما حصل نوع تقارب في عملية السلام بين النظام السوري ودولة الصهاينة .. تتكاثف الاتصالات الصحفية والإعلامية بقيادات الإخوان السوريين ليوجهوا لهم نفس الأسئلة التي تدور حول مراحل الصلح مع النظام السوري .. واحتمال العودة إلى سوريا والمشاركة في سياسة البلاد ..!!

إرسال تعليق

 
Top