بسم الله الرحمن الرحيم
أيها العلماء .. يا علماء الجزيرة العربية .. يا هيئة كبار العلماء .. ها قد تنادت قوى الكفر والشرك والنفاق في العالم كله لنصرة الأصنام الآلهة في أفغانستان .. أهانوا كتاب الله وحرقوه من أجل إنقاذ هذه الأوثان .. أبدوا استعدادهم في أن يبيدوا شعب أفغانستان المسلم بكامله من أجل هذه الأوثان .. مما يدل على أن الموضوع أكبر من مجرد كونه تراثاً ينبغي المحافظة عليه كما يزعمون ..!
كل الناس تكلموا وأفصحوا وأبانوا عما في نفوسهم من باطل نصرة لهذه الأوثان الطواغيت، بما في ذلك علماء السوء الذين باعوا دينهم وآخرتهم بثمن بخس إرضاء لطواغيت البشر التي تنادت لنصرة طواغيت الحجر، وحرمت على المؤمنين الموحدين تحطيم الأوثان الآلهة .. حتى ظن الناس أن الطالبان آثمون مخطئون في تحطيمهم لهذه الأوثان الآلهة التي تُعبد ـ من أكثر من نصف أهل الأرض ـ من دون الله تعالى ..!!
أين أنتم أيها العلماء من هذا الحدث الجلل .. لماذا الأمة لا تسمع لكم صوتاً ولا همساً .. لماذا لا تقولون كلمتكم وتبينون حكم الله تعالى في هذه القضية الهامة العامة .. لماذا لا تصدعون بالحق وتبينونه للناس.. ؟؟!
لماذا تكتمون العلم في وقت تشتد فيه حاجة الناس إليه .. ألم تقرأوا قوله تعالى:) إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (.
وقال صلى الله عليه وسلم:" ما من رجل يحفظ علماً فيكتمه، إلا أُتي به يوم القيامة ملجماً بلجام من نار ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" أيما رجل آتاه الله علماً فكتمه، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ".
يا علماء الجزيرة العربية .. يا هيئة كبار العلماء: طالما كنتم تتكلمون عن شرك القبور، وشرك الأوثان والتصاوير .. فعلام اليوم لا نسمع لكم في ذلك قولاً ولا رأيا .. علام آثرتم السكوت عن الحق .. في الوقت الذي تتنادى فيه الشعوب الضالة، والحكومات الكافرة: أن انصروا آلهتكم، وأصنامكم، وأوثانكم ..؟!
هل تخشون عروش الطواغيت .. ولا تخشون ذا العرش المجيد ) أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين (.
أتخشون ظلمة سجون الطواغيت .. ولا تخشون ظلمة القبور ..؟!
أتخشون سلاسل الطواغيت .. ولا تخشون ) سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ..؟!
أم أنكم تخشون فوات العطاء والمنح التي يسكتكم بها الطاغوت، ويشتري بها ذمتكم ودينكم وكلمتكم إلا ما يصب في هواه وخدمته ..؟!!
هل نسيتم أن الرازق المانع المعطي الواهب، الذي بيده الملك كله هو الله تعالى وحده..؟!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يمنعنَّ رجلاً هيبةُ الناسِ أن يقول بحقٍّ إذا علمه، فإنه لا يقرب من أجلٍ ولا يُبعدُ من رزق ".
أين الأمانة الملقاة على عاتقكم كعلماء .. وكورثة للأنبياء .. لتبينن الكتاب ولا تكتمون منه شيئاً ..؟!
إذا لم تنصروا التوحيد فماذا ستنصرون ..؟!
وإذا لم تخذلوا الشرك وعبادة الأوثان فماذا ستخذلون ..؟!
وإذا لم تتكلموا في هذا الوقت العصيب ـ الذي فُتن فيه الناس ـ فمتى ستتكلمون ..؟!
إذا جاء شرك القبور والأوثان والأصنام مخالفاً لسياسة القصور انبريتم بالحديث عن شرك القبور والأوثان لا يكل لكم لسان .. وإذا جاء شرك القبور والأوثان ملائماً وموافقاً لسياسة القصور .. تهيبتم وخنستم وآثرتم الصمت، والسكوت عن الحق .. مراعاة لمشاعر الطواغيت وسياسة القصور .. خشية الوقوع في الفتنة !!
وأي فتنة أشد من فتنة الشرك وعبادة الأصنام ..؟!
وأي فتنة أشد من خذلان التوحيد وأهله ..؟!
هذا هو شرك القصور الذي طالما كنا نحذركم منه .. والذي طالما كنتم تنكرونه وتعدونه من البدع والمحدثات التي لا أصل لها .. ها أنتم تقعون فيه وترونه رأي العين ؟!!
حُرمتم من ميادين الجهاد والقتال في سبيل الله .. فلا تحرموا أنفسكم من ميادين جهاد الكلمة والصدع بالحق .. ولسوف تُسألون عن كل ذلك ؟!
أيها العلماء .. يا علماء الجزيرة العربية التي منها انطلق الحق والعلم والنور .. يا هيئة كبار العلماء: دعوني أصارحكم بما يقوله الناس عنكم .. أصارحكم بما نسمعه من الناس عنكم .. ونحن لا نألوا جهداً في الذب عنكم والتأويل لكم .. أصارحكم مصارحة المشفق المحب لكم كل خير .. عسى أن تراجعوا أنفسكم وتعلموا أين أنتم من جادة الحق والصواب !!
يقول الناس عنكم: علماء السلاطين .. كتموا الحق والعلم .. باعوا دينهم وآخرتهم
وجنان الخلد بالمرتب الشهري الذي يتلقونه من الطواغيت .. باعوا آخرتهم بدنيا السلاطين .. وظفوا علمهم فيما يصب في خدمة الطواغيت .. وليس في خدمة التوحيد والملة .. نصروا طواغيت الحكم وخذلوا الموحدين .. تدور فتاويهم مع السلطان حيث دار، وحيث أراد .. كذبوا أمتهم وما صدقوها النصح .. انشغلوا في كل مسألة وفصلوا فيها أحسن تفصيل .. إلا ما له مساس في حياة الشعوب وواقعهم فلم يبينوه .. لا إله إلا الله لا تقبل عندهم إلا إذا كانت لا تعارض مصالح طواغيت الحكم .. أما إذا جاءت لا إله إلا الله مغايرة لمصالح وسياسات الطواغيت رُدت بزعم عدم الوقوع في الفتنة .. هذا الذي يقوله الناس عنكم .. هذا الذي يتناولونه في مجالسهم العامة والخاصة ؟!
يقولون عنكم: ضلت الأمة لما ضل علماؤها .. تخلفت الأمة عن مواكبة الحق في جميع ميادين الحياة لما تخلف علماؤها عن دورهم الريادي والأساسي في قيادة البلاد والعباد .. وآثروا العكوف في الزوايا .. والرضى بالفُتات اليسير الذي يُرمى إليهم من الطاغوت ..!!
لا تلوموا الناس ـ أيها العلماء ـ ولوموا أنفسكم .. راجعوا أنفسكم .. ذنوبكم هي التي جرأت الناس عليكم .. كتمانكم للحق والعلم مؤداه إلى نتيجة حتمية لا يمكن أن تتخلف) أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (.
اتقوا الله أيها العلماء .. اتقوا الله فيما علمكم الله وفيما استخلفكم فيه، واستأمنكم عليه .. اتقوا الله في الناس .. اتقوا الله في أمة الإسلام .. اتقوا الله واصدعوا بالحق ولا تخشوا في الله لومة لائم .. فغداً إنكم لا بد لميتون .. وكل واحد منكم في قبره بعد أن يعاين الآيات كأني به يقول: ياليتني صدعت بالحق .. يا ليتني لم أكتم علماً .. يا ليتني لم أخش فلاناً .. يا ليتني لم أتخذ الطاغوت خليلاً .. يا ليتني أُرد إلى الحياة الدنيا لأعمل صالحاً وأقول الحق .. فيقع له الندم الشديد على ما فرط في جنب الله ولات حين مندم ..!
أيها العلماء: ها قد تمايز الناس صفان فيما يخص أصنام وأوثان أفغانستان التي تُعبد من دون الله .. والله تعالى وعباده ينظرون لكم ماذا ستفعلون .. وماذا ستقولون .. وفي أي صف ستقفون .. في صف أنصار الشرك وعبادة الأوثان .. أم في صف الموحدين محطمي الأوثان ..؟!!
نسأل الله تعالى لنا ولكم الثبات وحسن الختام .. وأن يقوي قلوبنا على نصرة الحق والتوحيد .. إنه تعالى سميع قريب مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
15/12/1421 هـ. عبد المنعم مصطفى حليمة
10/3/2001 م. أبو بصير