GuidePedia

0

بسم الله الرحمن الرحيم
          الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
          فقد تناهى إلى مسامعنا خبر اعتقال السلطات البريطانية للشيخ أبي قتادة عمر محمود أبو عمر، ومجموعة من الإخوان .. وعزمها على ترحيلهم إلى بلادهم؛ حيث الاستئصال والتعذيب، والاستهانة بجميع قيم وحقوق الإنسان.
          ونحن ـ كطرف ممن يمثلون الجالية المسلمة في بريطانيا ـ نستنكر هذا الإجراء الظالم، ونشجبه، ونعدُّه ضرباً من ضروب الظلم، والغش، والغدر، يتنافى مع جميع القيم، والأعراف، والأخلاق المتعارف عليها بين الشعوب، وذلك من أوجه:

          منها: أن ترحيلهم إلى بلادهم التي فروا من طغيان وظلم، وإجرام حكامها وأنظمتها .. يعني تعرضهم الأكيد للتعذيب والاستئصال .. وانتهاك جميع حرماتهم وحقوقهم .. ومهما قيل خلاف ذلك فهو من قبيل ذرِّ الرماد في الأعين .. فالأنظمة الديكتاتورية الفاشية الظالمة .. لا يمكن أن تتخلى عن طبائعها وإجرامها، وسياساتها التي تستهدف احتقار الشعوب وهضم حقوقهم .. بين عشية أو ضحاها .. أو من خلال توقيع على صفقة أو تعهد واقعهم ينقضه ويكذبه!
          ومنها: إن ثبت فعلاً خطأ الإخوان .. وأنهم قد ارتكبوا ما يدينهم .. فعلام السلطات البريطانية لا تُحاكمهم في أراضيها .. أو تعتقلهم في سجونها .. إن ثبت فعلاً ما يستوجب سجنهم ومحاكمتهم .. أم أن السلطات البريطانية تريد أن تقول لنا ولغيرنا: أن سجونها مليئة بالمساجين لا مكان فيها لعدة أنفار .. وأن محاكمها لا وقت لديها لمحاكمة أولئك الأنفار؟!
          هذا مما يجعلنا نضع عشرات إشارات الاستفهام حول الدوافع التي تحمل السلطات البريطانية على ترحيل وتسليم الشيخ أبي قتادة .. ومن معه من الإخوان .. إلى بلاد الاستئصال والتعذيب؟!
          ومنها: من الغش والغدر والخيانة .. أن يُقال لمن يطلب اللجوء والجوار والأمان عند دولة من الدول ـ بعد أن تجيره، وتؤمِّنه، وتقبل لجوءه ـ : أنت حرٌّ .. لك أن تقول ما تشاء .. وتعتقد ما تشاء .. وتعارض من تشاء .. بما في ذلك الدولة التي فررت من ظلمها وطغيانها .. وبناء عليه يقوم هذا الإنسان بممارسة هذا الحق الذي منحته إياه السلطات المجيرة .. وبعد عشر سنوات من ممارسة حقه في معارضته للنظام الطاغي الذي فرَّ منه .. تقوم السلطات المجيرة بتسليمه وترحيله إلى ذلك النظام الطاغي الفاسد .. الذي فر منه ومارس معارضته له لأكثر من عشر سنوات .. تماماً كما فعلت وتريد أن تفعل السلطات البريطانية مع الشيخ أبي قتادة!
          الشيخ لم يكن ليمارس ذلك النشاط .. لو قالت له السلطات البريطانية لا نسمح لك أن تُمارس ذلك النشاط .. بدليل أنها لما ألزمته بقانون الإقامة الجبرية .. قد التزم الشيخ .. ولم يُمارس أي نشاط .. أمَّا أن تقول له أنت حر .. ولك كامل الحق في أن تُعارض من تشاء .. وأن تقول ما تشاء .. ثم بعد أن أعطته الأمان على ذلك .. وبعد عشر سنوات .. تقوم السلطات البريطانية في البحث في ملفه القديم .. وبين مفردات كلماته وتصريحاته القديمة .. لتستخرج منها ما يبرر لها تسليمه وترحيله إلى بلد الاستئصال والتعذيب .. الذي كان يُمارس معارضته من الأراضي البريطانية .. وبإذن من السلطات البريطانية .. فهذا ـ في عرف جميع الحقوقيين ممن يهتمون بقوانين حقوق الإنسان وغيرهم من ذوي الفهم والعقل ـ يُعد من الغش، والغدر، والخيانة .. وهي سمعة لا تليق بمكانة الدولة البريطانية ولا بالمجتمع البريطاني .. كما أننا لا نريدها ولا نرضاها.
          ونحن كما أننا نشدد على الجالية المسلمة في بريطانيا بأن تحترم عهدها وعقدها مع الدولة والمجتمع؛ فلا تغدر ولا تخون في شيء .. كذلك نطالب طرف الدولة بأن تحترم عهودها وعقودها ومواثيقها مع الجالية المسلمة .. وأن لا تخون ولا تغدر بأحدٍ منهم!
          وعليه فإننا نُناشد جميع الجهات المختصة والمسؤولة في هذا البلد .. بأن توقف العمل بترحيل الشيخ أبي قتادة ومن معه من الإخوان .. وأن تراجع قرارها في ذلك .. وهذا هو المأمول والذي نرجوه منهم .. كما أننا ندعو الله تعالى بأن يحفظ الشيخ، وعائلته، ومن معه من الإخوان من كل سوء وظلم .. إنه تعالى سميع قريب مجيب.

          7/7/1426 هـ.                                عبد المنعم مصطفى حليمة

          11/8/2005 م.                                    أبو بصير الطرطوسي


         
            
             

إرسال تعليق

 
Top