س1110: من المعلوم أن
خلفاء بني أمية وبني العباس جعلوا الخلافة وراثة فيما بينهم فهل يعتبر هذا من
التشريع بغير ما أنزل الله .. فهل هذا من الشرك بتوحيد الحاكمية لله تعالى .. وإذا
كان كذلك فهل يعتبر أولئك الحكام كفاراً .. وهل يقاس ذلك على الدساتير الوضعية في
زمننا هذا؟؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. لا؛ ليسوا
كفاراً .. وما فعلوه ليس من الشرك بتوحيد الحاكمية في شيء، وذلك لسببين:
أولهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد
أشار إلى حكمهم .. ومع ذلك لم يكفرهم .. ولم يحكم على فعلهم بأنه إشراك في
الحاكمية .. بل أمر بطاعتهم بالمعروف .. وعلى نهج النبي صلى الله عليه وسلم هذا
سار الصحابة والتابعون لهم بإحسان إذ لم يعرف عن أحدٍ منهم تكفير حكام بني أمية أو
بني العباس .. بسبب حكمهم الوراثي .. وإنما الثابت عنهم العكس وهو طاعة أولئك
الخلفاء بالمعروف، والدخول في موالاتهم .. ونحن يكفينا الاتباع لما كان عليه النبي
صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والتابعون لهم من السلف الصالح .. فالخير كل الخير في
الاتباع واجتناب الابتداع!
ثانياً: الذي حملهم على التزام الحكم
الوراثي هو الاجتهاد منهم بأن أمر العرب والبلدان الإسلامية الواسعة الشاسعة لا
يمكن أن تنتظم وتنضبط إلا بهذا النوع من الحكم .. فالعرب يومئذٍ ومعهم كثير من
المسلمين من غير العرب كانوا يجدون من الانقياد لحكم الأسرة الوراثي أكثر من
الانقياد لأي نظام آخر .. كل ذلك كان سبباً في تكريس الحكم الوراثي في تلك الحقبة
الأوسع من التاريخ الإسلامي.
هذا الواقع .. وهذا الاجتهاد بغض النظر
عن مدى مبرراته ومدى صوابه من بطلانه .. فهو لا يمكن أن يرقى إلى درجة الكفر
والشرك في الحاكمية .. أو يرقى إلى درجة ما يقترفه طواغيت الحكم المعاصرين من كفر
وشرك وظلم وطغيان.