س621: ما حكم المخابرات أو المباحث التابعة للأنظمة العربية الحاكمة، الذين يقومون بمداهمة البيوت لاعتقال الإخوان المجاهدين، وفتنتهم عن دينهم، وربما لتسليمهم إلى أمريكا .. وهل يجوز قتالهم وصدهم أم أن الأخ يسلم نفسه لهم من دون قتال ولا مقاومة .. فقد انقسم الإخوان فيما بينهم بين المجيز وبين المحرم على اعتبار أنه فتنة ويؤدي إلى سفك الدم الحرام .. فنرجو الإجابة، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. فقد وردني أكثر من سؤال حول هذا الموضوع وهي متقاربة المعاني .. فأفيد بما يلي:
هذه الأجهزة المذكورة والتي منها: المخابرات العسكرية، والأمن السياسي، وأمن الدولة، والأمن المركزي، والحرس الجمهوري، والحرس الملكي، وشرطة مكافحة الشغب وقمع المظاهرات، والمباحث .. فهي من أكثر الأجهزة التي تعمل على حماية الطاغوت ونظامه، وعرشه، ومن أكثرها حرصاً على تنفيذ سياسة وظلم الطواغيت؛ فهم عين الطاغوت الحارسة الساهرة، ويده الباطشة الظالمة .. يدورون مع الطاغوت وأهوائه في الحق والباطل، وفي الخير والشر، حيث دار .. يُسالمون من سالمه الطاغوت ولو كان من الكافرين المحاربين، ويُعادون من عاداه الطاغوت ولو كان من المؤمنين الموحدين .. فهم لا يعرفون ولاء إلا للطاغوت وفي الطاغوت .. ولا همَّ لهم سوى إرضاء الطاغوت ولو أدى ذلك إلى ظلم العباد وانتهاك حرماتهم وسفك الدم الحرام .. وهذا أمر معلوم عنهم لا خفاء فيه، لا يشك في ذلك عاقل أو من خبر أحوالهم وابتلي بشيء من شرهم وفتنتهم!
وهؤلاء ليسوا مسلمين .. ولا يجوز أن يكونوا من جند المسلمين .. بل هم من جند الشيطان وجند الطاغوت الذين يُقاتلون في سبيل الطاغوت .. لا يشك في كفرهم وإجرامهم من عرف دين الله تعالى وعرف حالهم.
وهؤلاء يجب جهادهم ودفع أذاهم وفتنتهم عن العباد والبلاد سواء داهموا البيوت أو لم يُداهموها، فإن داهموا البيوت على من فيها من الآمنين وأرادوا اعتقال الإخوان لفتنتهم في دينهم .. يكون جهادهم ودفعهم أوكد وأولى.
فالأمة دفعت ضريبة باهظة من أعز ما تملك ولا تزال تدفع الكثير بسبب سكوتها على هؤلاء القتلة المجرمين وأربابهم من الطواغيت الحاكمين .. تحت زعم الخوف من الفتنة .. أو الحفاظ على الجبهة الداخلية في وجه العدو الخارجي .. وغير ذلك من الأعذار الساقطة التي يردها واقع الطغاة المجرمين وجنودهم!
أي فتنة يخافونها وقد أتى الطاغوت وجنده الفتنة من جميع أبوابها .. وأي جبهة يتباكون ويحرصون عليها وقد وقف هؤلاء الطواغيت الظالمين ظاهراً وباطناً مع أعداء الأمة على الأمة وأبنائها .. وعلى الجبهة الداخلية .. ودمروا حصون الجبهة الداخلية منذ زمنٍ بعيد .. إلا إذا كانوا يعنون بالحفاظ على الجبهة الداخلية الدخول في الطاعة والولاء للطاغوت ونظامه الكافر العميل، ومتابعته على سياسته الخبيثة في تدمير الجبهة الداخلية!!
لذا نقول: ما قدمناه هو الأصل في التعامل مع هؤلاء القتلة المجرمين الإرهابيين .. ولكن هذا لا يمنع الأخ من إعمال قاعدة ترجيح المصالح والمفاسد عند مداهمة هؤلاء الظالمين لبيته؛ فينظر إن كان مجيئهم من أجل سؤال وجواب .. وينتهي الموقف عند ذلك .. أو قد يترتب عليه مجرد اعتقال يوم ويومين أو فترة زمنية محتملة .. وكان استخدام السلاح في وجوههم في ذلك الموقف قد يترتب عليه مفاسد قد تطاله وغيره من أهل بيته وإخوانه لا يستطيع السيطرة عليها ولا احتوائها .. أو احتمالها .. فالصواب في حقه حينئذٍ أن يختار الأقل ضرراً وشراً، ويذهب معهم.
أما إن كان يعلم أو يرجح لظنه أن القوم قد يعتقلونه لسنوات طوال .. وقد يفتنونه عن دينه؛ فينتفون لحيته، ويسبون دينه، وربه، ونبيه كما هي عادة القوم المعروفة والمأثورة عنهم عندما يقع بأيديهم أحد من المجاهدين .. أو قد يسلموه لأمريكا وغيرها من دول الكفر والطغيان ليفتنوه في دينه ويعذبوه كما هو وارد في السؤال .. فالصواب في حقه حينئذٍ أن يُقاوم الاعتقال ما وجد لذلك سبيلاً، ويُقاتل ويُجاهد إن كان قادراً على ذلك .. وهذا من أعظم الجهاد في سبيل الله، فإن قُتل فهو شهيد بإذن الله، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من قُتل دون دينه .. دون عِرضه .. دون ماله .. دون مظلمته .. فهو شهيد ".
وقال تعالى:) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (الشورى:39.