GuidePedia

0


س575: شيخنا الفاضل .. هناك من يثير أنك في بيانك " دعوة إلى العصيان المدني " قد ألغيت خيار الجهاد .. والقوة التي ينبغي على الأمة أن تتسلح بها .. وأن هذا العصيان الذي دعوت إليه لا يوجد عليه دليل من الكتاب والسنة .. فنرجو الرد والتوضيح للأهمية، وجزاكم الله خيراً؟

جـ: الحمد لله رب العالمين. هذا الذي يثير علينا هذا القول واحد من اثنين: إما أنه لا يعرفنا، ولم يقرأ لنا شيئاً؛ إذ يقيناً لو قرأ لنا شيئاً مما كتبناه حول هذا الموضوع ـ وما أكثر الذي كتبناه حول هذا الموضوع! ـ لما قال عنا ما قيل في السؤال .. بل لو كلف نفسه قراءة البيان جيداً لما قال عنا ما قال .. حيث قد ورد فيه قولي:" في هذا الخيار لم نطالبكم بحمل السلاح، وإن كانت الأمة بحاجة إلى حمله في مرحلة من مراحل التغيير والانقلاب .. " أليس هذا تأكيد على أن الأمة بحاجة في مرحلة من مراحل التغيير المنشود إلى حمل السلاح .. واستخدام القوة .. فعلام يُغفل عنه .. ويُغض الطرف؟!!
وإما أنه حاقد متحامل .. فلم يجد علينا ما يروي غليله فذهب يغوص في المتشابهات ليقولنا ـ بهتاناً وزوراً ـ ما لم نقل ولا نراه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما أن الذي طالبنا به الأمة في البيان لا دليل عليه .. كنت أود أن لا أسمع ذلك؛ لأن الأدلة على ما ذكرناه وطالبنا به الأمة أكثر من أن تُحصر .. كل الأدلة الشرعية ـ وما أكثرها ـ التي تتكلم عن ضرورة اعتزال الطواغيت واجتنابهم .. وعدم القرب منهم والتعاون معهم في شيء .. وعن ضرورة مفاصلتهم والبراء منهم .. تصلح دليلاً على ما ذكرناه في البيان.
قال تعالى:)فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً(. هذه هي ملة إبراهيم التي لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه، كما قال تعالى:)وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ(. فهي قائمة على اعتزال المشركين وما يعبدون من دون الله من الطواغيت.
          وقال تعالى:)وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ( . وقال تعالى:)وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ(. وقال تعالى:)قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ(.
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يليكم عمال من بعدي يقولون ما لا يعلمون، ويعملون ما لا يعرفون، فمن ناصحهم، ووازرهم، وشد على أعضادهم، فأولئك قد هلكوا وأهلكوا، خالطوهم بأجسادكم وزايلوهم بأعمالكم". هذا في حق حكام الجور من المسلمين، فكيف يكون الموقف من طواغيت الكفر والردة .. لا شك أنه أوكد في المفاصلة والمبيانة.
وقال صلى الله عليه وسلم:"ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فمن أدرك ذلك منهم فلا يكونن عريفاً ولا شرطياً ولا خازناً".
وقال صلى الله عليه وسلم:"من أعان ظالماً بباطل ليدحض بباطله حقاً برئ من ذمة الله عز وجل وذمة رسوله".
وقال صلى الله عليه وسلم:"من أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قرباً إلا ازداد من الله بعداً". وغيرها عشرات النصوص الشرعية من القرآن والسنة التي تأمر باجتناب الطواغيت، واعتزالهم، وعدم القرب منهم في شيء يقوهم على باطلهم وكفرهم .. هذا الذي عنيناه وأردناه بعبارات واضحة في بياننا المذكور " دعوة إلى العصيان المدني "!
كيف تستقيم رغبة في إزالة طواغيت الكفر والردة ثم بنفس الوقت نقر ونسكت على شعوبنا بملايينها التي تمد الطواغيت الظالمين بحبل من القوة والحياة .. يمدونهم بالنفس .. والمال .. والبنين .. للقتال والذود عنهم .. وعن عروشهم ..؟!!
أترون أن التغيير يتم من خلال قيام عشرات بل ومئات من المجاهدين بواجبهم الشرعي من دون أن تُساندهم الشعوب المسلمة في مهمة التغيير ..؟!!
أترون جهاد عشرات من الشباب المجاهد يُجدي نفعاً على مستوى التغيير المنشود .. على مستوى الأمة .. بينما ملايين من المسلمين يمدون الطواغيت وأنظمتهم الكافرة بحبل من والقوة والحياة .. ويُساندونهم بكل ما يملكون من وسائل وإمكانيات ؟!
إلى متى سنتجاهل دور هذه الملايين من المسلمين وكأن الأمر لا يعنيهم .. ولا يعني إلا بضعة من الشباب المسلم ..؟!!
والذي أقوله هنا وأؤكد عليه: أن للمجاهدين واجب .. كطليعة تقود الأمة نحو النصر والتمكين بإذن الله .. وعلى الشعوب المسلمة بملايينها واجب كذلك أقله أن يقطعوا المدد والعون والسند عن طواغيت الكفر والردة .. وأن يجتنبوهم ويعتزلوهم في جميع مجالات الحياة إن أمكن .. وأن يكونوا رديف خير وعون للمجاهدين في سبيل الله .. فإن لم يتحقق ذلك التكافل الواجب بين الطليعة النخبة من المجاهدين .. وبين الشعوب المسلمة بملايينهم .. فستظل عملية التغيير تتعثر .. وسنظل ندفع الضرائب الباهظة من غير نتيجة مرضية تُذكر .. والله تعالى أعلم.

إرسال تعليق

 
Top