أوكلما
حصل خلاف في الصف الواحد أو الجماعة الواحدة، عالجناه بتفريق المفرّق، وتشطير
المشطّر، وبالفزعة إلى السلاح .. ثم بحثنا بعد ذلك عن الأعذار والمبررات التي تبرر
هذا التفرق والتشرذم، والتّقاتل .. فيعالجون الخطأ بخطئ أكبر، والضرر بضرر أكبر،
ثم بعد ذلك يحسبون أنفسهم أنهم عقلاء وفقهاء، وأنهم يحسنون صنعاً!
أحدهم
يعتبر رأيه ــ والذي قد لا يعدو الظن الذي لا يغني من الحق شيئاً ــ هو الحق الذي
ليس بعده إلا الكفر، والهلاك، والضياع .. فيحمله ذلك على أن يُقاتل دون رأيه حتى
الموت، ويستبيح لأجله الحرمات، ووحدة الصف والكلمة، وقد يكون رأيه خطأ، أو صواباً
يحتمل الخطأ، وهذا من تلبيس إبليس عليه، ورحم الله الإمام الشافعي إذ كان يقول من
قبيل توسيع حسن الظن بالمخالفين له: رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل
الصواب .. بينما لسان حال هؤلاء يقول: رأيي هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين
يديه، ولا من خلفه، والذي ليس بعده إلا الكفر والضلال، والهلاك، والدمار ..!
12/12/2016