وأعني بذلك من كان داخل سوريا ومن كان خارج
سوريا .. فالذين هم في داخل سوريا يتطاولون ويستعلون على العاملين من أجل الإسلام،
وأجل قضيتهم ممن هم في الخارج .. لمجرد كونهم خارج سوريا .. وحتى يُسمع لهم، ويُؤخذ
بكلامهم .. يجب أن يكونوا في الداخل .. وإلا فلا سمع، ولا طاعة، ولا احترام لهم ..
أو هكذا يقول البعض!
ونحن هنا لا نقلل من أهمية التواجد مع الناس
في الداخل .. ولكن نقول: مقياس الداخل والخارج .. ليس مقياساً صحيحاً أو منضبطاً
.. فكم من أخ هو خارج سوريا .. يُقدم لسوريا، ولقضيته، وللإسلام والمسلمين .. أكثر
بكثير ممن هم في الداخل .. وأكثر بكثير مما لو كان في الداخل .. ويقوم بأعمال هامة
وضرورية لا يستطيع أن يقوم بها لو كان في الداخل .. والعكس أيضاً، فمن الأخوة من يكون
تواجده في الداخل أفضل بكثير مما لو كان في الخارج .. ويقدم لقضيته ما لا يستطيع تقديمه
لو كان في الخارج .. فالمقياس إذاً ليس هو الداخل أو الخارج، وإنما هو العمل، والعمل
وحسب .. والله تعالى أعلم بما يقدم هؤلاء، وهؤلاء .. وبما يعمل هؤلاء، وهؤلاء .. وهو
وحده يُحاسب الناس على ما يُقدمون من عمل صالح .. وعليه لا يجوز لفريق أن يتطاول على
الفريق الآخر، ويستعلي عليه .. ويمنّ عليه بما منّ الله عليه من عمل ــ لمجرد كان هنا
أو هناك ــ فيبطل عمله بالمن، والأذى، والكبر، وهو لا يدري .. وفي الحديث: "من
آذى مؤمناً فلا جهاد له". وإنما كل فريق يحسن الظن بالفريق الآخر، ويحترمه
.. وينظر إليه على أنه مكمل له ولجهوده؛ فالذين هم في الداخل يكملون بجهودهم وأعمالهم
الذين هم في الخارج، والذين هم في الخارج يكملون جهد وجهاد إخوانهم في الداخل .. فالنظرة
نظرة تكاملية قائمة على الاحترام المتبادل، وليس نظرة استعلائية، وازدرائية، واحتقارية
.. فالطاعات ما كانت يوماً تمارس ليتطاول العباد بها بعضهم على بعض، ويستعلي بعضهم
على بعض، ويحتقر بعضهم بعضاً .. فالله تعالى أعلم بمن اتقى وأخلص، وأحسن صنعاً.
ثم أن المؤمن حيثما قيد يُقاد .. وحيثما يستعمله
الله تعالى رضي، وأطاع، وانقاد .. سواء كان في الداخل أم في الخارج .. من غير عصيان
ولا استعلاء .. ولا تعقيب .. ولا كبر .. كما في الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال: "المؤمنونَ هيِّنونَ ليِّنُونَ، كالجملِ الأَنِفِ، إِنَّ قِيدَ
انقادَ، وإذا أُنِيخَ على صخرةٍ استناخَ" [صحيح الجامع:6669]. وقال صلى الله عليه
وسلم: "فإنما المؤمنُ كالجملِ الأَنِفِ ــ أي الذي يجعل الزمام في أنفه ــ حيثما
قِيدَ انقادَ" [الصحيحة:937]. أي حيثما سيق وتوجهت به نحو أمر فيه طاعة لله ولرسوله
توجه وانقاد من غير كبر ولا استعلاء ولا عناد.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم منهم ..
ونعوذ بالله من أن نستعلي بالطاعات على إخواننا .. فرب أشعث أغبر ــ خفي، نقي، تقي
ــ مدفوع بالأبواب، لا يُؤبَه له .. خير عند الله وأحب من كثير ممن يُشار إليهم وإلى
طاعاتهم وجهادهم، وأعمالهم بالبنان ...!
13/5/2016