بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على
رسول الله، وبعد.
فقد أشار الشيخ في كلمته إلى أهمية الوحدة بين الفصائل في
الشام، فقال: "إن مسألة الوحدة اليوم هي قضية
الحياة أو الموت لكم، فإما أن تتحدوا لتعيشوا مسلمين كراما أعزة، وإما أن تختلفوا
وتتفرقوا، فتُؤكلون واحدا واحداً .. "ا- هـ.
أقول: هذا كلام جيد ومسؤول .. لو عزم الشيخ على إزالة العقبة
الكأداء أمام هذه الوحدة؛ وهو ارتباط جبهة
النصرة بالقاعدة، وباستراتيجيتها .. والتي لا تناسب قط جهاد وتطلعات الأمم والدول،
والشعوب .. والتي بات الارتباط بها ضرراً محضاً لا مرية ولا شك فيه!
لا يُقبل من الشيخ ولا غيره أن ينادي بالوحدة .. ثم هو في نفس
الوقت يحرص على الأسباب التي تمنع من تحقيق هذه الوحدة .. والتي منها إلزام أهل
الشام ومجاهديهم بأن يتحدوا تحت مسمى واستراتيجية القاعدة .. فيكون مثله مثل من
يقول بالشيء وضده معاً .. وهذا لا يليق!
قال: "بقيت مسألة خاض فيها
الخائضون كثيراً، في محاولة لصرف أنظار الأمة المسلمة المجاهدة في الشام عن
أعدائها الحقيقيين، وهي مسألة ارتباط جبهة النصرة العزيزة ــ التي نعتز بارتباطنا
بها ــ بقاعدة الجهاد"ا- هـ.
أقول: قوله "في محاولة لصرف
أنظار الأمة المسلمة المجاهدة في الشام عن أعدائها الحقيقيين"، هو
طعن، واتهام بالخيانة لكل من يُطالبه بفك ارتباط "جبهة النصرة" بالقاعدة
.. علماً أن الذين يتوجهون بهذا الطلب هم أهل الشام ذاتهم، وجميع مجاهديهم بجميع
فصائلهم .. بل كثير من علماء وعقلاء الأمة الغيورين على الجهاد، وعلى مستقبل
الإسلام في الشام يُطالبون بهذا الطلب .. إلى حد الرجاء .. بل كثير من عقلاء وقادة
جبهة النصرة يُطالبون بهذا الطلب .. ويلحون عليه .. فهل كل هؤلاء خونة، ويريدون أن
يصرفوا الأمة المسلمة في الشام عن أعدائها الحقيقيين ..؟!
لا نقبل من الشيخ أن يُطلق مثل هذا الاطلاق التخويني بحق جميع
من تقدم ذكرهم ...!
ونقول أيضاً: أهل الشام ومجاهدوهم يعرفون أعداء الأمة .. لكن
شماعة أعداء الأمة لا ينبغي أن تمنعنا من أن ننظر بإنصاف وجرأة إلى أخطائنا
الداخلية .. وبخاصة إن كانت هذه الأخطاء تصب في خدمة وتقوية أعداء الأمة .. يقتات
بها أعداء الأمة .. ولا يختلف عاقلان على أن مسمى القاعدة في الشام قد جلب الضرر،
وخدم طاغوت الشام ونظامه، وحلفاءه كثيراً، وقواهم على أهل الشام ومجاهديهم!
قال: "ثم
هل
سيرضى
أكابرُ
المجرمين
عن
جبهةِ
النصرةِ
لو
فارقتِ
القاعدة،
أم
سيلزمونها
بالجلوسِ
على المائدةِ مع القتلةِ المجرمين، ثم يلزمونها بالإذعانِ
لاتفاقاتِ
الذلِ
والمهانة،
ثم
بالرضوخِ
لحكوماتِ
الفساد
والتبعيةِ،
ثم
بالدخولِ
في
لعبةِ
الديمقراطيةِ
العفنةِ،
ثم
بعد
ذلك
يُلقون
بهم
في
السجنِ
كما
فعلوا
بالجبهةِ الإسلاميةِ للإنقاذِ في الجزائرِ وبالإخوانِ المسلمين في مصر"ا- هـ.
أقول: إذا كانت مفارقة النصرة للقاعدة .. ستنتهي بالنصرة إلى
السجن كما انتهت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، وبالإخوان المسلمين في مصر
.. هذا يعني وبكل وضوح: يا نصرة لا تفكي ارتباطك بتنظيم القاعدة .. وهو تخويف ظاهر
للنصرة من أن تفك ارتباطها بالقاعدة .. إذ لا عاصم للنصرة من أن ينتهي حالها إلى
السجن إلا بتمسكها بالقاعدة .. وبارتباطها بها .. فالقاعدة ــ وليس الإسلام ــ هي
العاصم للنصرة من هذه النتيجة المأساوية!
هذا كلام محكم من الشيخ .. يَرد ويفسر المتشابه من كلماته
التي تفيد بأن مصلحة الأمة، والإسلام، والمسلمين مقدمة على مصلحة الارتباط
بالتنظيم ..!
فهو من جهة يقول: بأن مصلحة الأمة، والإسلام، والشعوب المسلمة
.. مقدمة على مصلحة التنظيم والارتباط به .. ومن جهة يقول لجبهة النصرة حذار أن
تستجيبوا لدعوات فك ارتباطكم بالقاعدة .. لأن هذا يعني أن تنتهوا ــ لا محالة ــ إلى
العمالة .. والخيانة .. والركون إلى الظالمين .. ومن ثم إلى السجن؟!
في
كل كلمة للشيخ لا يفوته أن يوزع سهامه على الجميع؛ على جميع العالم من دون استثناء
.. ويستعدي الجميع على الثورة الشامية .. ولا ينسى أن يخص السعودية بالنصيب الأكبر
من هذه السهام .. وربما يخصها بسهامه أكثر مما يخص النظام النصيري الباطني، وروافض
إيران .. وهذا توجه خاطئ تنقصه السياسة والحكمة .. والحد الأدنى من المداراة
الضرورية والمطلوبة .. لا يناسب ثورات الشعوب وجهادها .. كما أن معركة الشعب
السوري هي مع النظام الأسدي المجرم، وحلفائه وما أكثرهم .. وليس مع السعودية ..
ومن يحاول أن يصرف مسار الثورة الشامية في غير هذا الاتجاه فهو مخطئ .. وعمله
مردود .. يخدم النظام النصيري المجرم، وحلفاءه وأعوانه ــ وغيرهم من أعداء الأمة
ــ بشكل مباشر، وإن زعم أنه لا يريد ذلك!
جيد من الشيخ أيمن ــ بعد خمس سنوات!! ــ أن يشير إلى خارجية
جماعة الدولة .. وأنهم خوارج سفهاء .. لكن عليه في آن معاً أن يملك الجرأة الأدبية
على أن يسجل اعتذراه للشام وأهل الشام .. لأن الخوارج هؤلاء ما كانوا ليكونون في
الشام لولا القاعدة .. فالقاعدة هي التي جلبتهم إلى الشام .. وصنعت لهم ــ بادئ ذي
بدء ــ الدعاية .. ومهدت لهم .. ومكنتهم في الشام .. وهذه حقيقة يدركها الجميع ...
فهل يفعلها الشيخ؟!
نرجو ذلك ....!
عبد
المنعم مصطفى حليمة
"
أبو بصير الطرطوسي "
9/5/2016
www.abubaseer.bizland.com