GuidePedia

0
نصت الوثيقة التي أطلقها المجلس الإسلامي السوري، على مبادئ خمسة للثورة السورية، والتي منها مبدأ، يقول:" رفض المحاصصة السياسيّة والطائفية "؛ وهذا يعني أنه ليس من حق أي طائفة، بما في ذلك السواد الأعظم، والأكثرية السنيّة المسلمة للمجتمع السوري، أن تختص لنفسها بأي منصب سيادي، كرئاسة الدولة، ونحوها من المناصب .. وإنما جميع الطوائف والملل سواء، وسواسية أمام رغبة صناديق الاقتراع، وما تفرزه من نتائج، فلو أفرزت لنا مثلاً نصيرياً آخر كرئيس يحكم البلاد والعباد، ويعيد فينا سيرة سلفه من آل الأسد المجرمين، فليس لنا إلا أن نسلم له، ونرضى به، ونقدم له أسمى معاني الطاعة والولاء ..!
وهذا خطأ شرعي كبير، كما أنه خطأ سياسي فادح:
 أما أنه خطأ شرعي؛ لمخالفته لصحيح وصريح المنقول من الكتاب والسنة، وللإجماع، الذي نص على أن الكافر ليس له ولاية على المسلمين، ولا على بلادهم، ولا يجوز أن يُقر ابتداء كحاكم أو رئيس للمسلمين، ولبلادهم، قال تعالى:[ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ]النساء:141. وأي سبيل أعظم من أن يكون الكافر حاكماً للمسلمين ولبلادهم .. يحكمهم بقانونه؟!
 وقال تعالى:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ ]آل عمران:149. والحاكم لا يكون حاكماً إلا ليطاع فيما يحكم ويأمر، والله تعالى يحذر المسلمين عواقب طاعتهم للكافرين ...!
 وقال تعالى:[ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ]البقرة:124. أي في الإمامة، والرياسة ... وغيرها عشرات الآيات، التي تدلل على هذا المعنى.
 وفي الحديث المتفق عليه، عن عبادة بن الصامت قال:" دعانا النبيُّ صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فيما أخذ علينا، أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويُسرنا، وأثرةٍ علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ". دل الحديث ــ دلالة صريحة ــ على أن الحاكم إذا ظهر منه كفر بواح، لنا فيه برهان من الكتاب والسنة، تجب منازعته عند القدرة، وعدم طاعته، فضلاً عن أن يُبايع ويُنصّب ابتداء كحاكم ورئيس .. قال ابن حجر في الفتح 13/7: إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك، بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها ا- هـ.
 وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم 12/229: قال القاضي عياض: أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل، وقال وكذا لو ترك إقامة الصلاة والدعاء إليها ا- هـ.
 أما أنه خطأ سياسي فادح: أن هذا المبدأ قد أعطى الفرصة كاملة للقرامطة والباطنيين من أحفاد المجرم حافظ الأسد، ومن كان على شاكلتهم من الكفر والإجرام، والقرمَطة، أن يحكموا البلاد والعباد مرة ثانية .. وأن يعيدوا سيرتهم ثانية في الإجرام والتقتيل، والفساد، والخراب، والخيانة، والعمالة، حيث قد أثبتوا بجدارة عالية أنهم غير أمناء على سوريا أرضاً وشعباً، وأنهم لا يُستأمنون على حكم مزرعة من مزارعها، فضلاً عن أن يحكموا سوريا، كما أثبتوا أنهم غير صادقين في ولائهم وانتمائهم لسوريا أرضاً وشعباً ... لتعود الأكثرية السنيّة المغلوب على أمرها، مرة ثانية من جديد لتصنع ثورة تلو الأخرى، وفي كل مرة تقدم فيها من فلذات أبنائها ملايين الشهداء .. وملايين المهجرين .. وبعد كل ثورة يأتي المغفلون من أبناء السنّة ليقدموا ثمار ثورتهم وتضحياتهم للقرامطة الباطنيين، وغيرهم من المجرمين .. على طبق من ذهب .. تحت عنوان كلنا سواسية " نرفض المحاصصة السياسيّة والطائفية "!!
 وهل وصل النصيري حافظ الأسد المجرم إلى سدة الحكم ــ فحكم سوريا لأكثر من خمسين سنة ولا يزال ــ إلا بسبب هذه الغفلة، وهذه الدروشة السياسية من قبل الأكثرية السنيّة .. كنت أربأ بالمجلس الإسلامي السوري، من أن يضع نفسه في هذا الموقف الحرج، الذي قد يُسأل عنه لاحقاً .. كما أنني أوجه له العتاب أن مثل هذه القضية الحساسة والهامة كان ينبغي أن تخضع لمزيد من الدراسة والشورى من قبل أعضاء المجلس أولاً، قبل أن يقررها، ويفاجئ بها الجميع، ويعرضها على الفصائل والهيئات ليوقعوا عليها، والتي ربما كثير من تلك الفصائل لم تتنبّه للمزالق النّاجمة عن هذا البند الآنف الذكر، والتي أشرنا إلى بعضها أعلاه! 

1/10/2017

إرسال تعليق

 
Top