GuidePedia

0


س45: لنا الكثرة من الأخوة الذين هداهم الله لدين الحق والتوحيد وقد كانوا ـ وما زالوا ـ يعملون في الجمرك .. والذي أعلمه أنه لا يجوز لهم سرقة المال من هذا النظام لأنهم مستأمنين عليه أليس كذلك .. إذا كان هذا الكلام صحيحاً، فهل يجوز لهم أن يساعدوا الناس بتخفيض الجمرك، وإذا كان هذا يجوز، فما الفرق بين  أن يسرق هو لنفسه وبين أن يسرق للناس ـ أي يخفض لهم الجمرك ـ إذ العلة في تحريم سرقتهم هي الاستئمان .. أرجو منك توضيح المسألة وتصحيح الإلزامات التي ألزمت نفسي بها إن كانت غير صحيحة ..؟؟
          الجواب: الحمد لله رب العالمين. لا نرى جواز العمل في " الجمرك " لأنه عمل قائم على الظلم وتحصيل الأموال  من الناس بغير وجه حق .. إلا من صدقت نيته في تخفيف الظلم عن الناس وكان قادراً على ذلك .. فمثل هذا لا حرج عليه إن شاء الله لو عمل في الجمرك .. كما بينا ذلك في إجابتنا على سؤال رقم (17) فانظره. 

          وهذا الذي يعمل على تخفيف الظلم عن الناس لا يجوز أن يُسمى ظالماً أو سارقاً ـ كما أفدت في سؤالك ـ فهو كل ما يفعله أنه يمنع السارقين الظالمين من أن يسرقوا الناس، أو أن يأخذوا أموالهم بغير وجه حق .. وهو حقيقة عمله أنه يرد إلى المظلومين أموالهم التي أُخذت منهم بغير حق .. فكيف تسمي هذا سارقاً .. فتخفيض الجمارك وتقليل المظالم عن الناس شيء .. والسرقة شيء آخر .. وتحصيل حقوق المظلومين من ظالميهم شيء .. والسرقة شيء آخر .. ؟!! 
          كما أنه يوجد فرق بين أن تخفض من نسبة الضرائب عن الناس أو ترفعها عنهم كلياً بحسب استطاعتك .. وبين أن تأخذ المال اختلاساً بعد أن أصبح في حوزة وخزائن اللصوص الظالمين .. فالأول جائز كما تقدم .. والعمل الآخر يُعد من السرقة والاختلاس .. فسرقة السارق الظالم سرقة واستملاك للمال بغير وجه حق .. وكون السارق استملك المال بغير حق فهذا لا يبيح لك ولا للآخرين أن تستملكوا منه ما استملكه بالباطل؛ لأن المال الذي بحوزته لا هو ماله ولا هو مالك .. وكما هو محرم عليه أخذه محرم عليك كذلك أخذه سواء بسرقة أو بغير سرقة .. فالمتاع المسروق أو المغصوب لا يجوز شراؤه فضلاً عن أن تجوز سرقته ..!!
ثم أن المال الذي يُخفض فهو يعود إلى صاحبه ومالكه الحقيقي .. وهو من كل الوجوه لا يجوز أن يُسمى سرقة .. وهو وصفه أقرب ما يكون إلى رجل سُرق ماله أو أخذ منه بغير وجه حق ثم جاء آخر فرده إليه .. فتنبه لهذا ولا تخلط بين الأمرين !!
          وأخيراً تسميتك لما يؤخذ عن طريق الجمارك بالسرقة غير دقيق ولا سديد .. فما يؤخذ عن طريق الجمارك شيء؛ وهو يدخل في معنى ومسمى السحت .. والسرقة التي تقطع عليها الأيدي شيء آخر، ووصف آخر .. !! 

إرسال تعليق

 
Top