نريد
تفسيراً لمن يحسن التفسير؛ المقدسي من جهة يجيز الاستعانة بالطواغيت والكافرين، ومن
جهة يطلق عبارات التكفير على من يستعين ..؟!
يقول المقدسي في كتابه " الرسالة الثلاثينية
": من الأخطاء الشائعة في التكفير أيضاً تكفير كل
من اضطر إلى اللجوء إلى المحاكم في هذا الزمان أو حوكم إليها، أو استعان بالطواغيت
وأنصارهم لدفع صائلٍ أو للتخلص من مظلمة أو تحصيل حق في ظل عدم وجود سلطان لحكم الله
في الأرض.
بل لقد رأيت من الغلاة من يكفر كل من يمثل أمام محكمة من المحاكم الحاكمة
بالقوانين الوضعية ولو سيق إليها سوقاً أو اضطر إلى ذلك اضطراراً قد يصل إلى حد الإكراه،
وكان من المستضعفين ... بل وبعض السفهاء يكفرون
بمجرد دخوله إلى مخفر للتبليغ عن خطف ولد أو فقده أو سرقة شيء من ممتلكاته لعله يجده
عندهم ..
فإذا قيل لهم: فماذا يفعل ضعفة المسلمين إذا صال عليهم عدو غاشم
أو خطف لهم ولد أو هتك عرض أو اعتدي على أنفسهم وأموالهم .. هل تركتهم الشريعة سدى،
وأهملتهم .. ثم إذا اضطروا إلى اللجوء إلى سلطان الكفار كفروا!! لم يحيروا جواباً،
ولم يراعوا استضعاف المسلمين في هذا الزمان، وإنما كل ما يهمهم هو إنزال حكم التكفير
" ا- هــ.
هذا
قوله من قبل، وفي كتابه المذكور أعلاه، لكنه إذا ما اقترب من مجاهدي الشام، وأهله المستضعفين
.. تعالى عليهم، وتكبر، وأساء بهم الظن، وتخلق بأخلاق الغلاة الذين حذر منهم ومن غلوهم
في كلماته الواردة أعلاه .. ولأدنى مساعدة يتلقونها من أي طرف إقليمي مجاور ــ كتركيا
مثلاً ــ ليُطفئوا بها بعض النيران التي تشتعل بها بيوتهم وأجساد أطفالهم ونسائهم
.. وأحياناً تسخّر لهم مساعدة لم يطلبوها، ولم ينسقوا من أجلها .. وإنما جاءت تلقائيا
من الطرف المقابل ــ لمئارب خاصة به ــ من دون أدنى ترتيب أو تحالف معه .. فما إن يحصل
شيء من ذلك سرعان ما ينبري المقدسي، ويهز بعصا
الكفر، والتكفير والتخوين والتجريم .. وكأن أي تخفيف لآلام المسلمين في الشام مهما
ضؤل فإنه يُسيئه ولا يسره .. وما كان حلالاً عنده لغيرهم، حرام على الشام وأهله مهما
بلغوا من درجة الضرورة والاستضعاف!
وإليكم
ــ على سبيل المثال لا الحصر ــ بعض كلماته التي كتبها مؤخراً في تغريداته، والتي تناقض
كلماته الواردة أعلاه:" الأمر الذي لا يترقع أن ما
يسمونه استعانة! لم يعد موقوفاً على من يظنونه مسلماً، فقاتلوا علنا تحت غطاء الطيران
الصليبي.
لكن سؤالاً يطرح بإلحاح هل
هذا العمل المكفّر؛ قتال فصائل لمسلمين بغطاء جوي صليبي مهيمن، هل يسري هذا العمل المكفر
إلى من تحالف معها على النصيرية؟
الصواب أن المتحالف مع هذه الفصائل لقتال الروافض والنصيرية تحديداً؛
لايؤاخذ بفعلها المكفر؛ لكنها فصائل لاتؤمن غائلتهم مادامت تُوجّه من الداعم "ا-
هـ.
فغاظه
هذا التوسع لمجاهدي الشام على حساب ربائبه أحفاد ذي الخويصرة .. فهو عند المقدسي عمل
مكفر .. لكن من يتعاون مع هؤلاء الخونة من الفصائل الشامية المجاهدة ــ الذين يقترفون
العمل المكفر! ــ ضد النصيرية .. هل يطال هذا الحكم التكفيري المتعاونين مع هذه الفصائل
.. فهذا الذي توقف المقدسي عن تكفيره .. حتى لا يلزمه تكفير المتعاونين بالتسلسل
.. فلا يستثني بذلك أحداً .. فيشكر على ورعه البارد هذا!
فهو
كما ترون؛ إذا اقترب من ذكر الخوارج الدواعش، أهل الخيانة والغدر، الذين اجتمعوا على
قتال أهل الشام ومجاهديهم مع النصيرية وإيران، وروسيا، والروافض، وغيرهم من ملل الكفر
.. عبر عنهم المقدسي بتعبيره اللطيف الرقيق الأخوي " المسلمين "؛ كما في
قوله:" قتال فصائل لمسلمين ..". فهؤلاء الخوارج الدواعش، أهل الشقاق، والخيانة
والغدر، الذين أساؤوا للإسلام أكثر مما أساء إليه أعداؤه التقليدين عبر تاريخهم كله
.. هذا هو حظهم، ووصفهم عند المقدسي " المسلمين "!
بينما
إذا اقترب من الفصائل الشامية المجاهدة استعلى عليهم وتكبر .. وأساء بهم الظن .. وأطلق
عليهم عبارات التخوين والتكفير .. كما في عباراته أعلاه!
وللعلم
نقول للجميع، والمقدسي عليه أن يفهم ذلك: مجاهدو الشام بكل فصائلهم المباركة .. يواجهون
ويُقاتلون جميع هذه الأطراف مجتمعة: النظام النصيري وشبيحته، إيران وعملائها ومرتزقتها
من روافض العالم بما فيهم حزب اللات، وروسيا، والأكراد الشيوعيون الإنفصاليون العنصريون،
والخوارج الدواعش الأشرار .. وكلهم يتقوى بعضهم ببعض على أهل الشام ومجاهديهم، ويستعين
بعضهم ببعض؛ أحياناً بصورة مباشرة، وأحياناً بصورة غير مباشرة ... وأهل الشام في معركة
مباشرة مع هذا الكم والتجمع الخبيث بعضه مع بعض، وعندما تدار معركة في أرض، وزمان مع
طرف من هذه الأطراف لا يعني أن المعركة قد توقفت مع بقية الأطراف في المواطن الأخرى
.. وبالتالي فمجاهدو الشام عندما يقبلون أي مساعدة من أي طرف فهم يقبلونها من أجل مواجهة
خطر وكفر وإجرام هذه الأطراف كلها مجتمعة .. وليس من أجل قتال ومواجهة الخوارج الدواعش
فقط .. وتصوير الموقف خلاف ذلك، تصوير خاطئ وظالم .. فالدواعش طرف من عشرات الأطراف
من الأعداء الذين يقاتلون أهل الشام ويقاتلهم أهل الشام .. أما أن تكون المعركة معهم
منفردين دون غيرهم، ومع انعدام غيرهم، فهم أقل شأناً وأضعف عند مجاهدي الشام من أن
تُطلب المساعدة أو تقبل من أجل رد عدوانهم وخطرهم!
فنحن
يا مقدسي لسنا أمام صائل واحد .. بل أمام عشرات الصائلين، منهم أحفادك وربائبك، الخوارج
الدواعش الأشرار .. فهلا عذرتنا، وأظهرت لنا قليلاً من ورعك البارد؟!
28/8/2016