GuidePedia

0
بسم الله الرحمن الرحيم
          الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
          فقد تباينت المواقف من التدخل العسكري الدولي المعلن عنه في الشأن السوري .. وعن نية المجتمع الدولي في توجيه ضربة عسكرية لقوات وأسلحة بشار الأسد ونظامه الطائفي .. ففريق من الناس ــ من المعارضة السورية وغيرهم ــ يرفض مطلق التدخل العسكري الدولي، وتوجيه أي ضربة للنظام الأسدي وقواته، وهؤلاء ــ علموا أم لم يعلموا ــ قد وقفوا في صف الطاغية بشار " الكيماوي " ونظامه الطائفي .. وقالوا بقوله .. حتى لو تسموا بالمعارضين، وبأسماء بعض فصائل المعارضة .. ويكفي للحكم على هذا الموقف بأنه خطأ، أنه قد وافق قول ورغبات ومصلحة بشار " الكيماوي "، ونظامه الطائفي الفاشي .. وأعطاه مزيداً من الفرص لارتكاب مزيد من الجرائم والمجازر الكيماوية وغير الكيماوية بحق الشعب السوري .. كما أنه أعطى المبرر الأخلاقي لخذلان شعوب المجتمع الدولي للشعب السوري!

          وموقف آخر مقابل تراه يؤيد التدخل العسكري الدولي في الشأن السوري مطلقاً من دون قيد أو شرط، ومن غير تحفظ أو حساب للعواقب، والمآلات .. أو النظر إلى الأضرار المحتملة التي قد تصيب الشعب السوري، وبخاصة الثوار المجاهدين على الأرض .. وهؤلاء ــ علموا أم لم يعلموا ــ قد فرطوا بسيادة وأمن الشعب السوري على أرضه، كما فرطوا بحقه في تقرير مصيره، وفي رسم الخارطة السياسية المستقبلية التي يرتضيها لنفسه وبلده .. بعيداً عن هيمنة وتدخلات أي طرف أجنبي خارجي .. وهم بموقفهم هذا قد أعادوا للأذهان صورة الاستعمار الأجنبي .. وعملاء الاستعمار الأجنبي .. وأعطوه الفرصة للتدخل في مستقبل وشؤون سوريا أرضاً وشعباً، بصورة تخدم مصالحه ومآربه في المنطقة .. وهذا الموقف ــ أيضاً ــ لا شكّ في بطلانه وخطأه!
          والموقف الوسط الذي نعتقد صوابه يتلخص في النقاط التالية:
          1- أيما عمل عسكري أو ضربة تستهدف القوة العسكرية للطاغية بشار الكيماوي، بشكل مباشر، ومؤثّر .. أو تصيبها بأعطاب بالغة تمنع شرّها وأذاها عن الشعب السوري .. والمستضعفين منهم بخاصة .. فهو عمل مرحّب به من قبل الشعب السوري، يستحق الشكر.
          هذا العمل العسكري بالقدر المشار إليه أعلاه .. لا يتحمل مسؤوليته الشعب السوري .. وإنما يتحمل مسؤوليته وتبعاته الكاملتين الطاغية بشار الكيماوي، ونظامه الطائفي المجرم .. السفيه؛ الذي لا يلقي بالاً لعواقب إجرامه ومجازره، ولا لتبعاتها!
          2- إذا كانت الضربات العسكرية المرتقبة ضد نظام بشار الكيماوي ستكون صورية؛ غير مؤثرة، ولا رادعة، لمجرد رفع العتب والحرج .. يُبتغَى منها التمهيد ــ فيما بعد ــ لتوجيه ضربات عسكرية تالية ضد الثوار المجاهدين على الأرض ــ أيّاً كانت أسماء كتائبهم أو انتماءاتهم ــ كلما عنَّا لأمريكا أو غيرها فعل شيء من هذا القبيل، لتصبح سوريا وشعبها حقل تجارب لأسلحتهم " الغبيّة "، بزعم محاربة الإرهاب .. فهذا النوع من التدخل، أو العمل العسكري مرفوض .. نسجل عليه تحفظنا واعتراضنا ورفضنا له ابتداء .. ولاحقاً في حال حصوله!
          كما أن أي عمل عسكري صوري غير مؤثر ضد الطاغية بشار الكيماوي، ونظامه الطائفي .. سيفتح شهية الطاغية لارتكاب مزيد من الجرائم والمجازر بحق المستضعفين من الشعب السوري .. وعمل تكون هذه بعض نتائجه لا ينبغي أن نتردد في رفضه ومعارضته.
          فإمّا أن تكون ضربة قاصمة لظهر الطاغية، تشل قوته العسكرية عن الأذى .. وعن الاستمرار في الأذى، أو لا!
          3- قالوا: أن ضربتهم ما هي إلا غضبة متأخرة للبعد الإنساني في سورية .. فنرجو منهم أن يحافظوا على هذا البعد كما يزعمون .. وأن يكون هذا البعد هو الهدف الظاهر والباطن لعملهم .. المعلَن والخفي سواء .. أما أن يكون الهدف الظاهر المعلَن عنه هو البعد الإنساني .. بينما الهدف الخفي الباطني والحقيقي هو التدخل والتحكّم في مستقبل وقرار سوريا .. وحرية سوريا .. ونظامها السياسي .. أو من أجل توجيه ضربات عسكرية للثوار المجاهدين وقتما يشاؤون .. تحت مزاعم محاربة الإرهاب أو غيرها .. فحينئذٍ لا شك أن عملهم سيفقد مسوغاته الأخلاقية .. كما سيكون في موضع إنكار ومعارضة الشعوب الحرة الكريمة .. وبخاصة الشعب السوري المسلم .. والأيام القادمة ستظهر صدق دعواهم من كذبه!
          خلاصة القول: لسنا مع القول الذي يمنع من توجيه أي ضربة فاعلة ومؤثرة ضد النظام الأسدي المجرم .. كما أننا لسنا ممن يرضون التوقيع على ورقة بيضاء، لتُملى عليهم فيما بعد الشروط المجحفة بحق سوريا، وثورتها، وشعبها الأبي المسلم .. فهذا النوع من الابتزاز نرفضه ونستهجنه .. وإنما نرى في الأمر تفصيل؛ وهو ما أشرنا إليه في النقاط الثلاثة أعلاه.
          نسأل الله تعالى أن يحفظ سوريا وأهلها من كل شرٍّ وذي شر .. ما ظهر منه وما بطن .. إنه تعالى سميع قريب مجيب.
وصلى الله على محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم.
عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
22/10/1434 هـ 29/8/2013 م



إرسال تعليق

 
Top