GuidePedia

0
س1122: أنا شاب مسلم أدرس في إحدى الجامعات الفلسطينية وبحكم اختلاطي بكثير من الطلاب يحدث بيننا نقاشات عديدة ولكن في الفترة الأخيرة كثر نقاشي مع من يسمون بالشيوعيين وقد استطعت أن أنقض الكثير مما يستندون إليه في إلحادهم ولكن أتعرض دائما لسؤال منهم، فيقولون: أنت تقول أنه لابد لكل موجود من موجِد ولكل مخلوق من خالق ثم يسألونني والعياذ بالله ومن أين أتى الخالق فأحاول معهم في إقناعهم بأن الله ليس شيء لم يكن موجود ثم وجد بل إنه واجب الوجود .. وأعلم الأحاديث التي تتحدث عن النهي عن هذه الأسئلة وأحاول معهم في إقناعهم بمحدودية عقل الإنسان ولكن هم لا يسلمون بهذه الأمور نهائيا فهم أساسا لا يعترفون بوجود الله فكيف يعترفون لي بحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم .. أريد منك يا شيخ أن تدلني على الجواب الشافي الذي أستطيع به أن أنتقل بهم من هذه المرحلة التي توقفنا عندها .. وجزاك الله عنا كل خير؟

          الجواب: الحمد لله رب العالمين. يُجاب عن سؤالك بالنقاط التالية:
          أولاً: لا بد للعقل من أن يُسلِّم بأن هذا الكون البديع الفسيح .. وما تتخلله من آيات باهرات .. لا يمكن أن يأتي صدفة .. أو يُوجد عبثاً من غير موجد .. ولا مُسبب .. ولا غاية.
          ثانياً: وعليه بناء على ما تقدم لا بد من التسليم بأن هذا الوجود له بداية .. وله موجد وخالق .. وقطعاً للتسلسل .. وحتى لا نظل الدهر كله نتساءل من أوجد فلاناً؟ فيقال فلان .. وهكذا إلى مالا نهاية .. لا بد من الانتهاء إلى القول بخالق واحد لهذا الكون له صفات وخصائص الربوبية والألوهية لا يُشركه فيها أحد .. ويكون هو الأول الذي ليس معه ولا قبله شيء.
          ثالثاً: كثير من الأشياء المخلوقة .. لا يُدركها ولا يُحيط العقل بها علماً .. ومع ذلك فهو يُسلِّم ويؤمن بوجودها .. فعلام لا يفعل نفس الشيء عندما يعجز عن الإحاطة بالله تعالى وبذاته علماً، كما قال تعالى:) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (طه:110. وقال تعالى:) لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (الأنعام:103.
          رابعاً: هم لا يؤمنون بالقرآن الكريم .. لكن نطالبهم بأن يطلعوا عليه .. ويقبلوا على دراسته بإنصاف وتجرد عن الأحكام المسبَّقة .. فماذا ستكون النتيجة لو فعلوا ذلك .. وما هي الحقائق التي سيتوصلون إليها؟!
          أول ما سيدركونه ـ هذا إذا كانوا يحترمون عقولهم ـ بأنه كتاب مُعجَز في كلماته .. ولغته .. وأحكامه .. وشرائعه .. وقصصه .. وإخباره .. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. لا يمكن لمخلوق أياً كان هذا المخلوق بأن يأتي بسورة من مثله .. ولو اجتمع الإنس والجن بعضهم لبعض ظهرياً .. وإذا كان الأمر كذلك .. ولا بد من أن يكون كذلك .. أليس هذا دليل على أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي ليس كمثله شيء؟!
          قدر الله لي أن أُسجن في إحدى زنازن المخابرات العسكرية في دمشق .. وكان ذلك سنة 1976م .. حيث كان الطاغية الهالك يومئذٍ يعتقل المقاتلين الفلسطينيين والعناصر القيادية الفاعلة منهم في لبنان ويأتي بهم إلى سجون دمشق .. استجابة لرغبات أمريكا ودول الغرب في حماية الموارنة النصارى آنذاك .. جمعتني الزنزانة بأحد هؤلاء الفلسطينيين وكان شيوعياً ملحداً .. وبطبيعة الحال .. كان الرجل لا يتردد من مناقشتنا وطرح شبهاته وأقواله على مسامعنا .. وعندما كنت أرد عليه .. كان يقول لي: ردَّ علي بالكلام الذي تشاء .. إلا كلام القرآن فلا تذكره لي ولا تُسمعني إياه .. وذلك لما يرى في كلام الله تعالى من الإعجاز وقوة البيان والحجة .. التي لا يمكن للعقل إلا أن يخضع ويُسلم وينقاد لها .. لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجاهد المشركين والملحدين بكل فرقهم ومذاهبهم بالقرآن العظيم .. رغم أنهم لا يؤمنون به.

          فإن لم يؤمنوا بعد هذا البيان والاستدلال .. فدعهم ولا تأسى عليهم .. فليسوا هم أول ملحد ولا آخر ملحد .. وجهنم لهم بالمرصاد تنتظرهم .. هي مأواهم وبئس المصير.

إرسال تعليق

 
Top