GuidePedia

0


          س406: ما مدى مشروعية المشاركة في العمل السياسي في بلاد الغرب؛ تصويتاً للأحزاب أو انتماءً لها .. مع رجاء بسط الأدلة الشرعية نظراً لأهمية هذه النازلة لطلبة العلم خاصة والمسلمين بعامة .. وجزاكم الله خيراً ؟

          الجواب: الحمد لله رب العالمين. لا يجوز الانخراط في الأحزاب السياسية السائدة في بلاد الغرب، كما لا يجوز التصويت لأحدٍ منها؛ لأنها أحزاب ـ بكل وسائلها وغاياتها ـ لا تقوم على هدي من الشريعة الإسلامية .. ولا على شيء من وحي السماء .. وإنما هي ـ بمجموع وسائلها وغاياتها ـ تقوم على مبدأ اتخاذ العباد بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله .. وتكرس عبودية العبيد للعبيد وبصور شتى!

          لا يجوز للمسلم ـ مهما لاحت المصالح المادية من وراء ذلك ـ أن يصوت لتكتل تقوم جميع أفكاره ومبادئه على مناهضة ومناقضة شرائع وعقائد الإسلام .. فضلاً عن أن يكون جزءاً من هذا التكتل يقويه ويُكثر سواده .. فنصوص الشريعة دلت وقطعت على أن الرضى بالكفر كفر، كما في قوله تعالى:) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً(النساء:140.

          الخطاب الإسلامي .. كذلك الهم الأكبر للمسلمين المقيمين في بلاد الغرب .. لا يجوز أن يبتعد عن هدي ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة الآخرين إلى عبادة الله وتوحيده، كما في قوله تعالى:) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(آل عمران:64. هذا هو المنهج الحق الذي يجب أن تُصرف له الهمم .. كما يجب أن يُعطى له الأولوية في كل خطاب أو حوار مع الآخرين .. وأيما حوار أو تعامل مع الآخرين يستثني ما تضمنته هذه الآية الكريمة من توجيهات وتعليمات .. فإثمه ووزره أكبر من نفعه .. وتركه أولى من فعله!

          فإن قيل: هذا معناه أن نفوت كثيراً من المصالح المادية والدنيوية التي من الممكن أن تتحقق للجالية المسلمة المقيمة في بلاد الغرب .. من جراء تلك المشاركة أو التأييد ..؟!

          أجيب على هذا السؤال في النقطتين التاليتين:

          1- كما تقدم .. لا يجوز ـ شرعاً ـ للمسلم أن يُقارف جاهلية القوم وما هم عليه من كفر وشرك .. من أجل مصالح مادية .. فللمسلم دين يتميز به .. وللآخرين دين وأديان يتميزون ويُعرفون بها .. كما في سورة الكافرون:) قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ . لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ . وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ . وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (. وقال تعالى:) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ(مريم:48. وقال تعالى:) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ(الكهف:16. فنعتزلهم وما يعبدون .. إلا الله فلا نعتزله .. ولا نعتزل عبادته.

فهذا الاعتزال لا بد منه، لمن نشد السلامة .. وهو من منهج الأنبياء والرسل مع جميع مخالفيهم .. وليس للمسلم أن يُخالف منهج الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم.

2- لا بأس للمسلمين ـ المقيمين في بلاد الغرب ـ أن يُشكلوا التجمعات .. والجمعيات الخاصة بهم .. والتي تضم أكبر عددٍ ممكن من المسلمين ليُطالبوا بحقوقهم .. بصورة جماعية مؤثرة .. فإن العدد والكثرة معتبرة عند القوم .. والمسلمون يمكن أن يُحققوا لأنفسهم وأبنائهم من المصالح والمنافع عن هذا الطريق والأسلوب أكثر بكثير من انخراطهم وذوبانهم في التجمعات والأحزاب الجاهلية الأخرى ..!

فالبديل الأسلم والأنفع موجود .. فعلام إذاً البحث عن طرق وبدائل مشبوهة ومغموسة بالحرام ..؟!!

إرسال تعليق

 
Top