GuidePedia

0


          س105: عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:" مر بي خالي أبو بردة ومعه لواء، فقلت: أين تريد ؟ قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن آتيه برأسه" رواه الترمذي، ومن رواية أبي داود بزيادة:" أضرب عنقه وآخذ مالهوأحمد، وعنده:" فما سألوه ولا كلموه".
          قال ابن القيم: وذكر النسائي في سننه من حديث عبد الله بن أدريس حدثنا بن أبي كريمة عن معاوية بن قرة، عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس ماله ا- هـ.
          السؤال: كيف نجمع بين هذين الحديثين وألفاظهما خاصة " فضرب عنقه وخمس ماله " ومذاهب العلماء فيهما، مع ما تقرر من أن معتقد أهل السنة والجماعة وسط بين الخوارج والمرجئة؛ فلا يكفرون أهل الكبائر غير المكفرة ما لم يستحلوا، ومنها نكاح الرجل لامرأة أبيه .. وجزاكم الله خيراً ؟

          الجواب: الحمد لله رب العالمين . اعلم أن وقوع الرجل على امرأة أبيه على وجه الزنى كبيرة من الكبائر .. لا يرقى بصاحبه إلى درجة الكفر البواح، ولا أعرف أحداً من أهل العلم المعتبرين من قال بكفره .. ولكن الذي فعله هذا الرجل الذي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتله وتخميس ماله أنه كان قد عقد الزواج على امرأة أبيه، وأعرس بها على أنها زوجته وحلاله .. وهذا عين الاستحلال الذي يكفر صاحبه وإن لم يصرح بفيه أنه يستحل ذلك، أو يعتقد حله في قلبه .. ففعله يدل على ذلك .. وأصدق تعبيراً من لسانه .. لذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتله وتخميس ماله على أنه كافر مرتد.
          وقوله:" فما سألوه ولا كلموه " لأن فعله أصرح دلالة على الاستحلال من تعبير اللسان فلا حاجة أن يستنطقوه: هل أنت تستحل ذلك من قلبك أم لا .. ؟!
وفيه أن العمل أحياناً يكفي قرينة ودليلاً على استحلال المرء للمعاصي .. فيحكم عليه بناء على هذه القرائن العملية الدالة على الاستحلال .. بالكفر والردة .
          وفيه كذلك رد على أولئك الملوثين بشبهات الإرجاء الذين قسموا الاستحلال إلى استحلالين: استحلال للمعاصي ـ بل للكفر ـ ظاهر على الجوارح لا يكفِّر، واستحلال باطن قلبي يكفّر، وحتى يكون المرء مستحلاً للذنب ـ بل وللكفر ـ في قلبه لا بد من أن يأتي بالتعبير
اللساني الذي يدل على استحلال القلب للمعصية .. وما سوى ذلك لا يكون مستحلاً ! 
          وعليه فأقول: أي امرئ يفعل ما فعله ذلك الرجل؛ فيعقد زواجاً على امرأة أبيه .. فإننا نحكم عليه بالكفر والردة، من جهة استحلاله لما حرم الله، ومن دون أن نستنطقه عما وقر في قلبه من اعتقاد أو استحلال .. ويقتل على ذلك .. فإن قال بلسانه أنه لم يكن مستحلاً لنكاح امرأة أبيه في قلبه لا يُصدق؛ لأن لسان حاله وواقعه أصدق بياناً من لسان فمه .. والله تعالى أعلم.

إرسال تعليق

 
Top